د. جاسر الحربش
بعد إعلان الميزانية الجديدة من المنطقي أن تكون التعليقات الأكثر والأهم في الشبكة الاجتماعية هي تلك المتعلقة بالضرائب على الأسعار الاستهلاكية ورفع أسعار البنزين والكهرباء والماء، وأيضًا التعليقات على المخرجات المبدئية لحساب المواطن.. لماذا؟ لأن هذه الأمور الثلاثة هي التي تمس الأغلبية السكانية الأقل مداخيل في الاتجاه التنازلي نحو خط الفقر. نعم يوجد عندنا ما يقارب خط الفقر في الأسر التي يتراوح عدد أفرادها حول عشرة أشخاص يعتاشون على مرتبات متواضعة ويدفعون إيجار السكن. لا أعتقد بكل تواضع أن تطبيق الموعود به في حساب المواطن سوف يحل المشكلات المعيشية للأغلبية المذكورة من هؤلاء بعد ارتفاع الأسعار الاستهلاكية ضريبيًا على كل شيء، وإنما سيكون الحل جزئياً.
على كل حال من المهم أن نتفاءل، وعلى القيادة الطموحة بعدما أثبتت صدقًا وطنيًا مثاليًا في المنطقة كلها، أن تصحب ذوي المداخيل المحدودة إلى مربع التفاؤل الشامل، ولديها الوسائل الفعالة. علينا أن ندرك ما يكمن في طبيعة المجتمعات الراكدة من التخوف إزاء التغيير حتى لو كان هدفه صنع المستقبل الأفضل الذي يفرضه إشراف الماضي على الإفلاس.
على المجتمع السعودي التحلي بالصبر على مفاجآت الطريق، ذلك الصبر المطلوب من مجتمع عوِّد على الركود في المكان والزمان لعقود، ثم واجه فجأة ضرورة الحركة السريعة قبل أن تهدده السكتة الغذائية والمائية. بعض التعليقات كان للأسف من الواضح فيه محاولات الإيحاء بأن الخطة التنموية أصبحت مهددة بالفشل من الآن، وهذا الإيحاء اللئيم يدخل في خانة التخريب المتعمد.
مما يرفع درجة التفاؤل أن الدولة بعدما اكتملت حساباتها ومراجعاتها للأموال وعرفت الكميات الهائلة المسروقة وبعض كبار اللصوص اتخذت الخطة الواجبة عليها بطريقتين، إقفال أبواب المخازن المالية السيادية في وجوه اللصوص واسترجاع ما يمكن استعادته من الأموال المنهوبة.
بقي متوجب أخير على الحكومة وهو التفكير جديًا في الاستفادة الوطنية من ضرائب تصاعدية على أصحاب المداخيل العالية، والتشجيع الأكثر فعالية للقطاع الخاص بالدعم الكافي والمشروط ليستطيع المشاركة في تنويع الإنتاج ومعالجة البطالة ويستطيع المنافسة مع مردة قطاع المقاولات الأجنبي، ويجب التذكير أخيرًا بالتخفيف على الأكثرية السكانية بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة لتحمل أعباء المرحلة.