د.دلال بنت مخلد الحربي
تثير وسائل التواصل الاجتماعي في بعض الأحيان قضايا بعضها ينطلق كردة فعل على موقف وقضية تستفز جمهوراً من الناس فيسعون إلى الرد بطريقة تعادل قوة الاستفزاز، ومن ثم تنطلق معلومات كثيرة بلا إشارة إلى مصادر ولا إحالات تبرهن صدق هذه المعلومات وصحتها.
ولكنها قد تؤثر على جمهور عريض من الناس ومن ثم تتحول المعلومة المنقولة إلى حقيقة بين الناس يتداولونها يم يتداخل من بين الجمهور نفسه من يرغب في إظهار تعاطفه مع القضية المثاره باعتبار أن ما قدم له من معلومات هي معلومات صحيحة وأكيدة حتى تتسع الدائرة ويختلط الحابل بالنابل، ولكن في المجمل لا توجد أي إشارة علمية موثقة حول المعلومات التي طرحت.
هذا النمط ينتشر في العالم وليس فقط لدينا، فعند وقوع أزمات يبدأ التراشق بالكلام بين فئتين متضادتين تحتربان وتقتتلان على قضية معاصرة ولا تجد بأساً من استدعاء الماضي وتحمله وزر الحاضر سواء إن كان خطأ أو صواباً.
وهنا قد يجد المتخصص نفسه في موقف حرج شديد لا يعرف كيف يتصرف. فإظهار الحقيقة يحتاج إلى مساحات واسعة ومصادر ومراجع لا تتحملها وسائل التواصل الاجتماعي، والإشارة إليها في وسائل الإعلام التقليدية لا تؤدي الغرض منها، ومخاطبة جمهور غير متخصص وغير ملم بالموضوع قد يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمتخصص نفسه، والجمهور يكون فريسة لمعلومات خاطئة تحولت مع التناقل إلى حقائق دامغة ، غير مقبول مناقشتها أو توضيحها .
في قضايا مثل هذه لا بد من مراعاة موقف المتخصصين منذ البدء والعمل على التعرف على ما لديهم من معلومات تخص القضية المطروحة والتأكد من حياديتها وسلامتها، فقد يكون من بين المتخصصين من هو منحاز أو مجامل، ومن ثم فإن قضية « الحيادية «و» التوثيق» هو الأمران المطلوبان.
ولم يعد اليوم في العالم قضية يمكن أن تكون مخفية أو مجهولة، فدور الوثائق كثيرة، ومواقع علمية خاصة الموثوق منها على وجه التحديد يمكن أن تستشار للوقوف على الحقيقة ومدى صدق ما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن التاريخ لا يكتب من خلال العاطفة والمواقف الآنية لأن مثل هذه تزول في لحظة من اللحظات عندما تبرز الوثائق وتستشار المصادر ويلجأ إلى المتخصصين المدركين لجوانب القضية المطروحة أياً كانت.