د. محمد عبدالله الخازم
تعتبر جامعة الملك فهد للبترول والمعادن أفضل جامعة تقنية (Polytechnical) في الشرق الأوسط. هذه شهادة لا اختلاف عليها فهي فريدة في تخصصها الهندسي والتقني، وتحظى بدعم خاص سواء من قبل شركة أرامكو والشركات المحيطة بها أو حتى في الاستثناءات من قبل وزارة التعليم (العالي سابقا). على سبيل المثال؛ عندما صدر التوجيه الملكي بتحويل جميع أنظمة الجامعات السعودية إلى نظام سنوي وإلغاء نظام الساعات المتعارف عليه حينها (النظام الأمريكي) حظيت جامعة البترول بالإستثناء من ذلك الأمر، وحينما صدرت تعليمات تطالب الجامعات بالتوسع في كلياتها وقبول الطلاب احتفظت بمكانتها وبقيت جامعات صغيرة الحجم رشيقة في أدائها. وتلك أمور تحسب لهذه الجامعة لا عليها، وتحسب لرغبة وزارة التعليم في دعم تميزها وما تقدمه من مخرجات متميزة في مجالها.
رغم التميز والدعم والاستثناءات فإن ما يعيب هذه الجامعة، ويعتبر وصمة لا تليق بها في هذا الزمن، هو استمرارها العيش في جلباب الفكر الإيدلوجي القديم. أسمي الأمور بأسمائها ولست أجد مبرراً لهذا الفكر الذي يميز المرأة ويعتقد أنها غير مؤهلة للالتحاق بالبرامج التقنية والهندسية والإدارية. هذا الفكر يصور جميع التخصصات التقنية بأنها عمل في الشارع لا يليق بالمرأة ويخفون بهذا الجدل الأيدلوجي أن الجامعة تحتضن تخصصات إدارية وعلمية وتقنية متنوعة أبدعت فيها المرأة في الجامعات السعودية الأخرى، كطالبة وأستاذة. كان ذلك في الماضي والآن بعد التوسع في عمل المرأة في جميع المجالات سقطت حجة عدم إمكانية عمل المرأة في مختلف التخصصات الهندسية والتقنية، بدليل تخرجها من كليات هندسة بجامعات سعودية أخرى ومن كليات التقنية المختلفة.
الغريب أن أرامكو، الشركة المتنورة، التي تعتبر الداعم الأول لهذه الجامعة لم تنتبه لهذه الوصمة الإيدلوجية التي تعيب الجامعة فتدفعها للتخلي عن هذا النفس الأيدلوجي. من السهل على إدارة الجامعة أن تصمت ولا تبادر في تعليم الفتاة، طالما هي مدعومة بشكل كاف وليس عليها ضغوط للتحرك في هذا المجال، فهي لا تشعر بمطالب واحتياجات المجتمع وضغوط الداعمين!
التوجهات الحديثة للمملكة نحو تمكين المرأة يجب أن يكون لها اعتبارها وخصوصاً في ظل التوجه نحو المدن التقنية الحديثة ك (نيوم). يجب أن يكون للمرأة موقعها في هذا الجانب، وهذا دور جامعة البترول بحكم خبرتها. لا نتوقع هذا الدور مثلاً من جامعة نورة - مثلاً- لنقص خبرتها في التعليم التقني والهندسي. الإدارة المتميزة هي التي تبادر وتتلمس احتياجات المجتمع، لا التي تختبي خلف أوهام أيدلوجية لم تعد مناسبة لهذا العصر، أو تستخدم تلك الحجج لتحافظ على راحتها الإدارية. أطالب جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالتحلي بالشجاعة والمبادرة بفتح ابواب الجامعة للفتيات في كافة التخصصات، وستجد الدعم الكاف من الجميع.
الجامعة ليست مجرد كم تنشر من أوراق علمية، بل كم تقدم لمجتمعك من مبادرات تعليمية شاملة ومتنوعة للجنسين بدون تمييز. الجامعة التي تفاخر بتنوع طلابها من مختلف دول العالم نريد أن نلمس التفاخر بالتنوع بفتح المجال للجنسين الذكور والإناث ليستفيدوا من تميزها المعروف.