د.عبدالعزيز الجار الله
قامت الجامعات السعودية بـ(هجمة عنيفة) على بعض من تخصصات العلوم الإنسانية تحت مبرر عدم حاجة سوق العمل لهذه التخصصات، عندما أكفت وزارة التعليم وتم تسديد الاحتياج ووصل جميع المنسوبين بالوزارة إلى أكثر من (600) ألف معلم ومعلمة وتوقفت وزارة المالية تقريباً عن إحداث الوظائف والتعيينات السنوية، وفِي هذه الأثناء توجهت الجامعات السعودية إلى إغلاق معظم تخصصات العلوم الإنسانية والتركيز الأكبر على تخصصات العلوم الطبيعية.
الحالة قد تكون طبيعية وكثير من الجامعات بدول العالم تعيد ترتيب أولوياتها الأكاديمية حسب احتياج سوق العمل ومتطلبات جهات التوظيف، لكنها تبقي المتطلب العام المتعلّق بهياكل الدولة، وتوازن الجانب الوطني والثقافي والبيئي والحضاري وأيضاً السياسي والدبلوماسي للدولة، كما يتم التوافق ما بين الجامعات وجهات التوظيف، تخفف حدية أن الجامعات للتعليم فقط وليست جهة توظيف، وبالمقابل تخفيف مطالب جهات التوظيف للجامعات من ضرورة التوقف التام، وأن التعلّم حسب متطلبات سوق العمل؛ بمعنى أن تتحول الجامعات إلى مراكز (خياطة) تقوم بدور التفصيل حسب حاجة رجال الأعمال السنوية بأسلوب الفتح والإغلاق السريع التخصصات.
ما حدث في جامعاتنا مختلف تماماً عن الجامعات الأخرى شبه اتفاق عام على إغلاق التخصصّات الإنسانية ومن هذه التخصصات:
التاريخ
الجغرافيا
اللغة العربية
الآثار
الاستيطان
الأنثروبولوجيا
الجيولوجيا من التخصصات العلمية التطبيقية.
وهذه التخصصات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأرض والوطنية والولاء والانتماء، وهي أكثر التخصصات تتحدث عن الوطن والدول وشعوبها.
الجامعات السعودية أغلقت هذه التخصصات أو هي في طريقها للإغلاق، رغم أن علماء وأساتذة هذه التخصصات والشخصيات البارزة فيها خلال العشر السنوات الماضية: إما تقاعدوا عن العمل الأكاديمي، أو رحلوا عن هذه الدنيا، أو أقعدتهم الأمراض، وبذلك نحتاج إلى أكثر من جيل لتعويضهم.