هدى بنت فهد المعجل
أكاد أتفق مع الروائية السورية (هيفاء بيطار) في مسمى مجموعتها القصصية (يكفي أن يحبك قلب واحد لتعيش).. ولو أطلقت عليها مسمى (يكفي أن يحبك إنسان واحد لتعيش) لما اتفقت معها إطلاقاً..!!
فالتراب ذرّات رمل عرضة للتفرّق شرقاً وغرباً.. شمالاً وجنوباً.. وحتى طولاً وعرضاً.. وقد يفاجئ العين فيجرحها عند هبوب رياحها محملة بالأتربة، تلهب صدور من ابتلوا بنوبات ربو مزمنٍ.. أو حساسية صدر، أو أنف.. كتقلّب الجو الحادث قبل أيام خلت!!
والطين أصله تراب احتضن بعضه بعضاً فاشتد.. ونجده عرضة، بسبب عوامل الزمن وعوامل أخرى، عرضة للتفتت ورجوعه إلى سيرته الأولى.
أما الإنسان فقد تدرَّج الله في تكوينه ونشأته من تراب.. إلى طين لازب.. إلى حمأ مسنون.. إلى صلصال كالفخار حتى استوى بشراً نفخت فيه الروح.
ولعله تنامى إلى علم الجميع أن الفخار حرفة تقليدية قديمة لصناعة المباخر وأواني الماء والصحون وأواني النباتات والزهريات.. بيد أنها لو وقعت على عضو بشري أدمته. ومن الخطأ أن نكتفي بحب إنسان واحد لنعيش بعدما أدركنا أن الإنسان متقلِّب، غير ثابت على وضع واحد.. أو على مشاعر واحدة.. أو علاقة واحدة.. لذا انتبهت (هيفاء بيطار) فلم تقل: (يكفي أن يحبك إنسان واحد لتعيش).. بل قالت (قلب واحد...). والقلب أشبه بكتلة دم.. أو هو عضلة صغيرة تضخ الدم في الشرايين ومنه إلى أنحاء الجسم.. وتستقبل -تلك العضلة الصغيرة- الدم العائد من الأوردة. وللقلب أربع حجرات تستوعب على اتساعٍ رغم صغر حجمها.. ولا (أعتقد) وجود خطر حين وقوع القلب على عضو بشري، كما أن لا أحد سواه احتوى هذا الكيان.. وبدون مهمته في ضخ الدم واستقباله لا حياة للكائن الحي.. والكائن البشري، الإنسان بالذّات.
القلب يمرض ولا (يشيخ).. بينما الإنسان (يمرض ويشيخ)، فمن الصعب أن نثق في حب إنسان واحد ونكتفي به..!! أو يثق إنسان في حبنا له ويكتفي بنا!! ونحن، وهو عرضة لنوائب الدهر.. وتقلّبات البشر.. وتعدد الأمزجة والمشارب.
نرضى ونرى ضرورة احترام الأشخاص لنا لأن (الاحترام توسط بين الحب والكره)، كما ورد عن الزميل (إبراهيم التركي) في كتابه (ما لم يقله الحاوي).. وأصطف في طابور المؤيِّدين لتوسط (الاحترام) بين (الحب) و(الكره).. فنحن أمة وسط.. والإسلام يدعو (للوسطية) في كافة أمورنا.
أما (نزار قباني) فيرى أنه (لا توجد منطقة وسطى.. ما بين الجنة والنار) عندما قال لمن أحب: .. اختاري الحب أو اللا حب.. عار أن لا تختاري.
فهل (اللا حب) منطقة أخرى خلاف الكره والاحترام؟؟!! ليصبح لدينا أربع مناطق في حياة الإنسان.. منطقة حب.. منطقة لا حب.. منطقة كره.. ومنطقة احترام، وليس لدى القلب سوى منطقتين فقط!! أو هكذا نريده.. منطقة للحب.. وأخرى للكره.. وإن خلا من منطقة الكره فنعمه!! لذا يكفي أن يحبني (بصدق) قلب واحد (لأعيش).