م. خالد إبراهيم الحجي
إن تحسين الإنتاجية يأتي في مقدمة المحددات الهامة التي تلعب دوراً أساسياً في مستويات المعيشة للأفراد والمجتمعات، وينتشلها من الفقر المدقع والعوز والحاجة والفاقة، ويزيد فرصة العاملين لتحقيق ما يريدونه من علاوات أو زيادة أجور أو مرتبات بشكل أسرع تلبي متطلبات الحياة الأساسية، وتحقق مستويات معيشية أفضل، وتتيح وتهيئ لهم بذل جهودهم، وتوظيف طاقاتهم في مجالات أكثر فائدة ومنفعة للمجتمع والاقتصاد الوطني.. والإنتاجية الوطنية: هي استفادة الدول من الأيدي العاملة المدربة والماهرة، وتوظيف رؤوس الأموال واستثمارها، واستغلال جميع الموارد البشرية والطبيعية المتاحة.. وقياس معدلات الإنتاجية وحساب مؤشراتها البيانية من الأدوات الأساسية اللازمة للدول المنتجة لمعرفة معدلات نموها الاقتصادي وقياس تقدمه وتطوره. والبوابة الإلكترونية لهيئة الإحصاءات العامة تزخر بالبيانات والرسومات والمعلومات الاقتصادية الحديثة التي توضح مستوى الناتج المحلي السنوي، ومعدلات النمو لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني للمملكة العربية السعودية.. وقياس إنتاجية الدول والمقارنة بين بعضها البعض تتم بطرق عديدة وأكثرها صحة ودقة وشيوعاً التي طبقتها المنظمة الدولية للتعاون الاقتصادي والتطوير (OECD)، وهي منظمة حكومية دولية أسستها (38) دولة صناعية عام 1960م لتحفيز تقدم الاقتصاد والتجارة الدولية على أساس حساب معدل الناتج المحلي الوطني الذي يحققه العامل الواحد في ساعة العمل الواحدة؛ ويساوي ناتج قسمة إجمالي الناتج المحلي الوطني المعلن على متوسط عدد ساعات العمل السنوية التي يعملها جميع العاملين في الدولة بما في ذلك ساعات العمل بالنظام الجزئي، وبالأجر اليومي والأسبوعي، باستثناء الإجازات والعطل الرسمية. وقد احتلت لوكسمبورج المرتبة الأولى بناتجٍ محليٍّ لساعة العمل الواحدة يعادل مقداره (93.4) دولاراً. واحتلت المكسيك المرتبة الأخيرة بناتجٍ محليٍّ لساعة العمل الواحدة يعادل مقداره (20.3) دولاراً. وزيادة عدد ساعات العمل لا يعني بالضرورة زيادة في الإنتاجية، فمثلاً على الرغم من أن متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعي في المكسيك يصل إلى (41.2) ساعة عمل في الأسبوع الواحد، وهي الدولة الأكثر في عدد ساعات العمل الأسبوعي بين الدول الصناعية الأعضاء في المنظمة إلا أنها الدولة الأقل إنتاجية بينها. بينما نجد أن متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعي في لوكسمبورج (29) ساة هي الدولة الأقل في متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية بين الدول الصناعية الأعضاء في المنظمة، ومع ذلك تأتي على رأس قائمة الدول الصناعية الأكثر إنتاجية في العالم. ومن الملاحظ والجدير بالذكر، أن متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية للدول الصناعية الأربع الأولى في قائمة الدول الصناعية الأعضاء في المنظمة، جميعها أقل من متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعي التي تعملها أمريكا التي جاءت في المركز الخامس في نفس القائمة، بناتج محلي لساعة العمل الواحدة يعادل مقداره (68.3) دولاراً في أسبوع العمل الواحد الذي يصل متوسط عدد ساعاته إلى (33.6) ساعة في الأسبوع الواحد.. وتحقيق جودة الإنتاجية المحلية وتحسينها وزيادة كفاءتها يؤدي إلى مراتب التنافسية العالمية؛ لأن التنافسية هي الرغبة الشديدة في تحقيق السبق والفوز بالريادة على مستوى دول العالم في مجالات الإنتاج المختلفة ببذل الجهود المضاعفة لتحقيق النتائج الأفضل؛ أي أن التنافسية هي قدرة المنتجات المحلية على منافسة المنتجات الأجنبية. وتصل الدول إلى مراتب التنافسية العالمية عندما يصبح على منتجاتها المحلية إقبال من باقي دول العالم الأخرى. وتحقيق الميزة التنافسية العالمية المستدامة يتطلب: (1): تشجيع الأيدي العاملة الماهرة وتوظيف الكفاءات المؤهلة. (2): دعم الابتكارات والاستثمار في مجالات الاختراعات لتحويلها إلى منتجات عملية على أرض الواقع قابلة للاستخدام والاستفادة منها. (3): التحليل المستمر للواقع المعاصر، وتطوير حاجات المجتمعات الحديثة لتحسين المستويات المعيشية لها، وتلبية متطلبات الأسواق العالمية لتحقيق التقدم والازدهار وزيادة الدخل الوطني.
الخلاصة:
إن كفاءة الإنتاجية تحدد قدرة الدول على الدخول في التنافسية العالمية.