رجاء العتيبي
هل يعوّل أصحاب الخلافة على أردوغان أن يكون خليفة المسلمين؟ هل يعولون عليه أن يكون الناصح الأمين, والحكيم الأريب, وهو لم يتحمّل (رتويتة) أطلقها وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد تؤكّد جريمة العسكري العثماني (فخري باشا) الذي هجّر أهل المدينة المنورة قسراً (سفر برلك) في مهمة سوداء لاحقت الخلافة العثمانية (مائة عام) وما زالت.
لا نظنه محل ثقة ولا تعويل طالما أنه ترك بلاده وتفرّغ للتصاريح وإلهاب العواطف وتغيير أسماء الشوارع إلى (فخري باشا) وملاحقة التغريدات وتعديل نصوص وكيبيديا عن ملهمه فخري باشا بهدف حجب أفعاله الإجرامية, ولكن هيهات له ذلك, والتاريخ المتواتر والموثَّق لا يمكن تعديله فهو ليس صفحة إلكترونية في وكيبيديا يمكن تحريفها, وإنما ذاكرة مؤلمة وشواهد شاخصة لا ينساها الناس مع التقادم.
أردوغان يسعى الآن للانتقام من الهجمة الكبرى التي لاحقته خلال الأيام الماضية, بعد أن تكشّف للعالم العربي أن هذا الرجل ليس خليفة المسلمين كما يدّعي مناصروه من الإخوان.
فهو من زج في السجون آلاف المواطنين الأتراك الذين لا ينتمون إلى توجهاته دون هوادة, زج بهم قسراً بمجرد أنهم ينتمون إلى (فتح الله كولن) حسب تصريحاته, يصل عددهم إلى قرابة (100 ألف) سجين: أكاديميون وعسكر وإعلاميون وقضاة ومعلمون.
ومثل هذه الرعونة لا تجلب سوى الدمار, وأردوغان لم يسلم منه أحد, فهو في عداء مع شعبه, وعداء مع أوروبا, وعداء مع العالم العربي, وعداء مع أمريكا, وعداء مع قيادات في حزبه, لم يتصالح إلا مع منهم على شاكلته, مثل: قطر, وإيران, وداعش, والإخوان.
لذلك لم يحظ بعضوية الاتحاد الأوربي حتى هذه اللحظة رغم المحاولات اليائسة, وكثيراً ما يعبِّر النواب الأوربيون عن قلقهم إزاء تدهور سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرية الإعلام ومكافحة الفساد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا, أخيراً قطعت المستشارة الألمانية ميركل في مناظره لها مؤخراً أن تركيا لن تكون عضواً في الاتحاد الأوربي, ما فوّت الفرصة على غرور أردوغاني يسعى إليه.
الإعلام الإخواني أيام (الخريف العربي) روَّج لأردوغان كجزء من الحملة, فلم يعمل سوى أنه رفع (أصابعه الأربعة) وجعلوه بهذه الأصابع خليفتهم القادم, وقالوا عنه صانع (اقتصاد) تركيا, وهذا محض هراء, فصنَّاع الاقتصاد لا يتصرفون كما يتصرف ويفعل ويقول أردوغان اليوم, هو أشبه بشخصية يحاول أن يعوّض خسارته فيما يُسمى بالربيع العربي, وما زال يفقد كل يوم جزءاً من شعبيته حتى يواريه التاريخ إلى جوار جده فخري باشا.