ناصر الصِرامي
دائما ما أشبه»الإعلان» بالبترول، نعم إنه بترول «الإعلام»، الإعلام التقليدي أو الجديد والمتجدد، أهم المحركات الثقيلة والخفيفة التي تحرك حياتنا اليوم، وكما أن الحياة على كوكبنا قد تتعطل دون نفط، كذلك الإعلام سيتعطل دون التمويل الإعلاني، ومهما بلغت قدرة الدول على تمويل وسيلة إعلام أو أكثر بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنها ستمل في النهاية وتسحب بعض الدعم أو كله!
أجدنا صناعة الإعلام إلى حد معقول كسعوديين، وأسسنا أهم المؤسسات الإعلامية على المستوى العربي، حتى وإن كان حظنا معها غير عادل للأسف!
إلا أننا لم نصل حتى تاريخه للأهم، لم نصل إلى الإمساك العملي بالمحرك التجاري النفاث، الإعلان. طبعا لا إحصائيات دقيقة عن حجم السوق أو حجم العاملين فيه، هناك أرقام متفاوتة، لكن الأكيد أن حجم السعوديين العاملين في هذا القطاع لا يكاد يذكر، وبل ولا يراد له أن يذكر أو ينمو، في ظل غياب كامل لأي مبادرة حقيقية لإنعاش سوقنا الإعلامي بمواطنينا.
تقديرات إجمالي حجم سوق الإعلان في دول مجلس التعاون الخليجي تصل إلى 8.4 مليارات، ونصيب المملكة يصل 45 % من الكعكة. والمتابع أو المتصفح يعرف أن لنا نصيب الأسد من الإعلان العربي.. من الصحف إلى الإعلان التلفزيوني وصولا إلى الإعلان الرقمي.
الإعلان في المنطقة العربية يحتل المرتبة 12 في سوق الإعلان العالمي، وتدفعه أسواق المملكة بشكل خاص. لهذا الترتيب.
وبروز وسائل الإعلام الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي ضاعفت السوق وقلبت جزءاً من المعادلة الإعلانية لكن الصدارة لا تزال سعودية، فالشباب السعودي يمضي نحو خمس ساعات يومياً على «فيس بوك» وحده، ويتصدرون نشاط تويتر، فيما يسجلون أكثر من 90 مليون مشاهدة على اليوتيوب.
تبقى قيمة سوق الإعلان الإلكتروني في العالم العربي في سقف متوقع 1.5 مليار دولار، لكن هذا الرقم ينمو بشكل مذهل على مدار الساعة. نحن أمام صناعة ذكية وإبداعية معتبرة ومجزية للغاية، لكننا في الوقت ذاته أمام ضعف هائل في التأهيل والنفاذ لهذه السوق من قبل الشباب السعوديين في الجوانب الإبداعية أو التسويقية أو التنفيذية، ونظرة سريعة لهذه السوق سنكتشف معها أن الحضور السعودي ضعيف جدا، بل مخجل جدا جدا..
سوق ضخم عاجز عن استقطاب السعوديين، أو المغيّب عن السعوديين قصراً.. لكن أيضاً علينا أن نعترف أن الشباب لا يعرفون جيدًا حجم الدخل الكبير للعاملين في هذا القطاع، مقابل ضعف أو عجز كبير وصعوبات أيضًا في التأهيل والنفاذ لهذه السوق.
كتبت سابقا، وكنت أعمل حينها في أهم مؤسسة إعلامية عربية، - وقد أكون دفعت الثمن- إن جاز لي ممارسة دور الضحية! كتبت: أنها صناعة يتيمة لا أب لها، تتوزع بين وزارة الإعلام والتجارة والبلديات! وأضيف عن خبرة كاملة بالتأكيد على أن العاملين الأجانب فيها يجنون أرباحًا خيالية تفوق ما يحققه مدراء ومشاهير، بل وملاك الوسائل الإعلامية!
فراغ كبير جدا ومبادرات غائبة وما هو متوفر لا يرتقي لحجم السوق وقوته ثروته.
فيما لم تتقدم أي مؤسسة إعلامية سعودية -وخليجية- مبادرة لتوطين هذه الصناعة بنفس القدر الذي أنجزته مع العمل الصحفي على الأقل.
وهو أمر ينطبق على مؤسسات الإعلام السعودي العامة والخاصة.
بالمناسبة في الإعلام الدولي يعرف الإعلان بأنه الإدارة الفعلية الخفية!