د. جمعان رشيد بن رقوش
يجسد الاحتفاء بالذكرى الثالثة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ــ أيده الله ــ أصدق معاني الوفاء من شعب هذه البلاد الطاهرة لقائد مسيرته المباركة، وهي مناسبة يتجدد فيها الولاء و الود والمحبة لملك الحزم والعزم.
وقد شهدت المملكة العربية السعودية في هذا العهد المبارك تحولات كبيرة نحو تعضيد دعائم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تنعم به بلادنا منذ تأسيسها، بما يسهم في تنمية وتطوير هذا البناء الراسخ والكيان الشامخ الذي يزداد شموخًا واقتدارًا بفضل ما حباه الله تعالى من النعم الجليلة والمكانة السامية، ثم بما تهيأ له من القيادة الحكيمة على امتداد تاريخه.
ولقد أكدت الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين ــ أيده الله ــ منذ توليه مقاليد الحكم نهجه الواضح وعزمه الدؤوب في السير بمملكة العروبة نحو المستقبل المشرق الذي يطمح إليه الجميع.
ولا شك في أن من أبرز سمات هذا العهد الزاهر برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030م التي تعد أبرز دعامات الاقتصاد الوطني، وهي رؤية طموحة شاملة، أدت إلى التنوع الذي حدث في بنية الاقتصاد السعودي بما يعزز الثقة في اقتصادنا، وهو ما تؤكده ميزانية العام 2018م التي جاءت بأكبر إنفاق في تاريخ المملكة رغم انخفاض أسعار النفط عالميًّا؛ الأمر الذي يؤكد ما تحظى به المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - أيدهما الله - من سياسة اقتصادية ذات رؤية استراتيجية ناجحة، تخدم الأهداف التنموية في ظل توجُّه الدولة الحازم نحو مكافحة الفساد بأشكاله وصوره كافة، خاصة بعد الأمر الملكي الكريم بإنشاء لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة سمو ولي العهد؛ الأمر الذي يعزز هذا التوجه والجهود.
كما تضمنت الميزانية إنفاقًا غير مسبوق على جميع القطاعات التعليمية والصحية والإسكان والنقل والعمل وغيرها من المجالات سعيًا نحو استمرار الحياة الكريمة والرخاء المستديم للمجتمع السعودي.
إضافة إلى النجاحات المقدرة في مختلف المجالات، ومن أهمها السعي الحثيث لبناء دولة المؤسسات من خلال تحديث الأنظمة القائمة، وإصدار الأنظمة الجديدة التي تضمن أمن واستقرار المملكة سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا.
كما أن من أبرز ما تحقق في الأعوام الثلاثة الماضية هو الاهتمام بقضايا المرأة السعودية ودعمها، وتحقيق طموحاتها في خدمة مجتمعها، وتعيينها في العديد من المراكز القيادية، واستمرار برامج التنمية البشرية.
وكذلك استمرت المملكة في العهد الميمون في دعم العمل الدولي لترسيخ قيم التسامح والتعايش بين الشعوب، ومنع التدخل في شؤون الدول وتأجيج الطائفية، ومكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، ونشر الوسطية والاعتدال.. وهو دور تقوم به المملكة بكل اقتدار ومنعة، وبتضحيات جسام، سيخلدها التاريخ لهذا البلد المتفرد في عطائه.
وتمر علينا هذه الذكرى المباركة وقد جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وليًّا للعهد؛ ليكون هذا الاختيار نقطة انطلاق نحو آفاق أرحب من النماء والأمن والاستقرار.
وإن الإجماع الوطني على تأييد هذا الأمر الملكي عبر «نظام البيعة»، الذي يعد سمة ملازمة لسياسة المملكة عبر تاريخها المجيد، هو أحد أصدق شواهد الولاء والوفاء من شعب كريم، يضرب أروع الأمثلة في التلاحم، ويؤكد حسن الاختيار لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه بإنجازات أصبحت واقعًا نعيشه.
ولا شك في أن هذا الأمر الملكي يستند إلى الثقة الغالية في القدرات القيادية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي أتى إلى واجهة المهام العظام من مدرسة سلمان بن عبدالعزيز، يحمل حنكة وحكمة في التعامل مع الأحداث المعاصرة، أهّلته لتولي هذا المنصب الجليل؛ إذ أثبتت تجربته وقدراته القيادية خلال العامين الماضيين أننا أمام قائد فذ، امتلك ناصية المبادرة والقيادة والطموح نحو مستقبل زاهر ــ بمشيئة الله تعالى ــ. ولقد تجلى ذلك بوضوح في برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030م.
كما أكدت جهود سموه الكريم وإنجازاته السياسية والدبلوماسية والعسكرية أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الأكثر قدرة على تحقيق أمن واستقرار محيطها الإقليمي والدولي من خلال حسم الفوضى، وقمع المعتدين أصدق دليل على ذلك، وكذلك نجاح سموه في تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، وهندسة القمم الكبيرة والفريدة التي احتضنتها رياض العروبة، والتي أوضحت بجلاء أن الرياض هي عاصمة القرار العربي وأحد أعمدة السياسة الإقليمية والدولية بما حباها الله - عز وجل - من قيادة حكيمة وقوة اقتصادية وروحية، جعلتها قِبلة للناس في شتى مناحي الحياة.
كما جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز وزيرًا للداخلية ليعضد مسيرة الأمن والأمان التي تنعم بها المملكة.
ولا شك في أن إيلاء سيدي خادم الحرمين الشريفين ثقته لعدد من أبناء الوطن ذوي الكفاءات، وتوليتهم مناصب قيادية، سيكونان إسهامًا فاعلاً في دفع عجلة التنمية التي يحرص ــ حفظه الله ــ على أن يحققها للوطن والمواطن.
وإننا ونحن ننعم بهذه الإنجازات المتتالية لنرفع أكف الضراعة لله - عز وجل - بالشكر على ما منَّ به علينا من نعمه العظيمة، ونسأله - جل شأنه - أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ذخرًا للوطن والأمة العربية والإسلامية، وأن يحفظ بلادنا التي نفاخر بها العالم، ونباهي بها الدنيا، رمزًا للعطاء، وموئلاً للأمن والسلم والرخاء.