محمد بن عبدالله آل شملان
عملياً جاءت خطوة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قبل 15 عاماً بمدينة الرياض وبالتحديد في 11 من ذي القعدة 1433هـ بإقامة ملتقى «ألوان السعودية»، إيجابية، والمنصف لهذا الأمير لابد أن يشيد بخطوته إذا ما عرفنا أنّ صعوبة وتحديات واقعية أعاقت هذا التوجّه منذ زمن طويل ؛ الأمر الذي جعل الأمير يقتل تلك الصعوبات والتحديات بعد ذلك بدعم قيادة وطنه، في سبيل بناء صناعة اقتصادية خدمية واجتماعية وثقافية تسعى لاكتساب ثقة المواطن وتحقيق القبول الاجتماعي والمؤسسي حتى أصبحت ـ بحمد الله تعالى ـ مساراً اقتصادياً وطنياً منتجاً .
الدرس التاريخي الذي يجب أنْ نتعلمه من الأمير هو روح المبادرة والتحدي والإصرار، فمابين فكرة تنظيم ملتقى «العدسة الذهبية» في عام 1424هـ وحتى تبنِّي الفكرة عام 1433هـ من الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز آل سعود «الذي كان آنذاك رئيس مجلس الإدارة»، كانت فاتحة خير لعلاقة مستمرة فيها الكثير من المتانة والقوة وصلت لأنْ يكون الملتقى والمشاركون فيه جديرين بثقة بعضهم البعض على مسرح العيش على هذا الوطن بتاريخه وتراثه الحضاري بكل جوانبه وأبعاده، وعلى مسرح العشق لهذا الوطن، وعلى مسرح الاستعداد التام للتضحية من أجله .
كان الأمير سلطان بن سلمان ـ يحفظه الله ـ يعرف وقتها أنّ خريطة بداية تأسيس الهيئة تحتاج إلى وسائل فعّالة ومؤثرة تساعده والعاملين معه في إبراز المقومات السياحية والبعد الحضاري للمملكة، ورأى أنّ ما يمكن إنجازه هو استخدام الألوان التي تكتب تأثيرها الساحر بما تنجزه، وبما تماثله في صباحاتها ومساءاتها، وبما تفتح من غايات جديدة، وبما تشع به انعكاساتها، وبما تتخيّله أو تحلم به، وسموه يرى ويدرك تماماً بأنّ لكل ألوان أصحابها، ووطننا يبتهج بأهله وناسه وأصحابه، لها وجه مستقر ومطمئن، هي علامتها الأولى، وبصمتُها بين الدول.
يوم السبت الفائت اختتمت دورة 2017م من الألوان في الوطن، برعاية كريمة من سموه في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض، حيث كرّم في افتتاحه الرعاة واللجنة الاستشارية ولجان التحكيم بملتقى ألوان، كما كرّم المصورين الفائزين في مسابقة ألوان السعودية للتصوير والأفلام القصيرة لعام 2017م، إلى جانب تكريم الفائزين بجائزة الأمير سلطان بن سلمان للتصوير، كما تم إعلان الصور والأفلام السياحية الفائزة وشارك فيه عدد كبير من المصورين المحترفين والهواة في السعودية ودول الخليج العربي، وعدد من الجهات الإعلامية المختلفة والجهات الحكومية والخاصة والتعليمية وشركات الإنتاج الفني وجمعيات التصوير، وأجنحة خاصة للمصورين المحترفين المبدعين والهواة .
كانت الساعة حينها تشير إلى الدقيقة الأولى من الفخر . دقّت ساعة الاعتراف من سموه فقال: «ثروات بلادنا تتعدى النفط، وثرواتنا الحقيقية هي البشر». ونقلَ سموه بالوعي والواجب قائلاً: «تشرفت اليوم بلقاء سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله- مع الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية الدكتور طالب الرفاعي، وأكَّد - حفظه الله - في حديثه عن السياحة في السعودية أن الدولة ماضية في مشروع تطوير السياحة الوطنية ؛ لكونها أصبحت واقعًا اقتصاديّاً وطنيّاً مطلوباً، ولم تعد ترفاً». وكرّر سموه بالوعد جازماً : «ما زلت أكرر ما قلته قبل سبع سنوات بأن السعودية ستكون أكبر دولة سياحية في المنطقة، وأكبر دولة لها محتوى تراثي قابل أن يستمتع به المواطن وغير المواطن». وكشف سموه عن إطلاق المنصة الفضائية للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع وزارة الإعلام والثقافة، وذلك تحت عنوان «عيش السعودية»، خلال اللقاء السنوي للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الذي سيتم عقده خلال الأيام المقبلة .
ونحن نقترب من الفرح يوم الخميس القادم لنهنئ قيادتنا وأنفسنا بمرور الذكرى الثالثة لتولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود مقاليد الحكم، يمكننا القول بأن» ألوان السعودية « تجربة ناجحة صيغت بوعي صادق وعمل دقيق، وحقَّقت التفاعل الخلّاق، وجعلتْ مقومات وطننا السياحية والتراثية والحضارية، متاحة عبر العدسات للتصدير العربي والعالمي، عَنْوَنها الحب الجارف لوطن لن يتوقف الحديث عنه .
أسأل الله العون والسداد للأمير سلطان بن سلمان، وأدعوه سبحانه بالتوفيق لقياداته في الهيئة، والله من وراء القصد.