د. خيرية السقاف
ما يحدث في مجتمعنا اليوم من تغيير, سيأخذ في تغيير البناء الذهني للفرد تدريجياً, بحيث تُستبدل المفاهيم, وتحل قناعات جديدة في مكان السائدة, ويتخلص الناس من عاداتهم, ويقرون غيرها, ويتفاعلون من ثم مع نمط آخر غير الذي أخذوا عليه, ووسِموا به ردحاً طويلاً من الزمن.. والهدف من ذلك هو أن يتخلص الناس من العتمة, والفاسد, والخلط الذي بنيت عليه قِوامات أفكارهم, وسادت في مسالكهم.
ولأنّ أفكار المتغير المستحدثة المستَجَدة تلامس في الناس الرغبات, وهي تحلق حول السالب المستهدَف الذي يؤطر حركة المجتمع, وفق الحالات الذهنية التي كانت مهيمنة فيه على الفكر, ومن ثم القناعة, فالرأي, فالعادة, فالسلوك, فالسِّمة, فالظاهر من السلوك, والصفات العامة المشتركة بين الأفراد, فإنّ إدراك أهداف التغيير ينبغي الوعي به, فيكون لفحص, وغربلة ما ساد هدفهما الجلي, وهو أن يسقط في قاع المهمل فقط كل الذي لابد أن يُباد, وينقرض من السلبيات, مع إبقاء كل الموجبات في الوعاء الذهني سالمة بلا مساس, لا أن يذهب الغربال بكل سمين يغني, في معية كل ضامر خاوٍ..
ففي بنود التغيير أساس رئيس لا مجال للمساس به, أقرّه الراعي قائد الوطن, وولي عهده ربان التطور, وألزما به الهمم الفاعلة العاملة معهما في توطيد عجلة التغيير, والساعية لبث روح الحياة في عروق المجتمع الظامئة..
هذا الأساس لا يختلف فيه معهما - حفظهما الله - اثنان, وهو قيم المجتمع المنبثقة من دينه, وأخلاقه العريقة, وهي الأصل, ولا تتعارض البتة مع أيّ تغيير في صالح الحياة, والناس في هذا الوطن العظيم ..
فكل طيف في هذا المجتمع عليه أن يحرص على أن يغرس فسيلة في ثرى نهضة هذا الوطن, وأخذه إلى مصاف العالم علماً, وصناعة, واقتصاداً, وحياة, بكل ما يتاح لها من الوعي, والهمة, والجد, والعمل, والدأب, وخلوص النوايا, وعزم القلوب ..
وتطوير المجتمع, وتغيير سالبه لموجب تدفق به الحياة فيه, وصعوده لمراتب القوة , والإنجاز, لا يتنافى مع توطيد دعائمه دون أن يثلمها ما يكون..
هو ذا مبدأ سلمان بن عبد العزيز الذي يشد به على أزر الأفراد في القافلة, ويذكِّرهم به في كل موقف, مع رفيف السيف, وتكبيرة الصلاة..
وهو ذا القول الفصل الذي نفذه محمد بن سلمان, وهو يقوّض الفساد كأول من يرفع فأسه ليقض شجرته الضاربة في العمق, ويجتثها بغية أن يحيا هذا الوطن في أمان النزاهة ..
إنّ البناء الذهني وهو يعالج من عتمته العامة بكل مصادر الإشعاع, ينبغي أن يحافظ على مصدر ضوئه في مشكاته بكل الثقة.