د. محمد عبدالله الخازم
قبل حوالي خمسة عشر عاماً كتبت مقالاً عن النقص في حجم الخدمات الفندقية بمدينة الرياض. مقال عادي يتطرق لخدمة عامة، كنت سأسعد لو اتصل عليّ مسؤول من غرفة الرياض التجارية أو أمانة الرياض، لكن المفاجأة كانت عندما أخبرني المحرر بأن مكتب سمو حاكم الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز يطلب التواصل معي حول ما كتبته، وفق توجيهات سمو الأمير. كنت أتصور بأن انشغالات سمو أمير الرياض لن تتيح له قراءة مقالي بعد صدوره بساعات ومن ثم التفضل بكل تواضع بالشرح حول مشروعات العاصمة القادمة في مجال زيادة السعة الفندقية.
مرة أخرى وكان سمو الأمير سلمان خارج البلاد برفقة أخيه سمو الأمير سلطان -رحمه الله-، ياتيني الاتصال ليشرح لي فاعلية مجلس المنطقة المختار بعناية كتعليق على مقال كتبته حول مجالس المناطق.
من المواقف الأخرى التي أتذكرها؛ حين كنت أعمل بمستسفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وفي جناح د 4، كان أمراً معتاداً أن نفاجأ بسلمان بن عبدالعزيز شاخصاً أمامنا يزور المرضى بعيداً عن أعين الإعلام ومعه مرافق أو مرافقان فقط. رغم كل متطلبات الحكم وطبيعة البروتوكلات الحكومية إلا أن سلمان بن عبدالعزيز كان نموذجاً في تمثيل عادات الأسرة العربية العريقة التي تبرز البساطة عند مقتضيات الواجب الأسري كزيارة المريض ومواساة الملهوف. هذا هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- حينما كان أميراً على منطقة الرياض. ولست آت بجديد عند ذكر سمات أخرى عرف بها ومنها قربه من إخوته ملوك المملكة السابقين وأولياء العهد، في صحتهم ومرضهم. قبل أن يصبح ولياً للعهد أو ملكاً، الجميع يدرك مصاحبته لأخيه الراحل الملك فهد وبعد ذلك مصاحبته لأخيه الراحل الأمير سلطان وبقية إخوته الكرام. واليوم نراه في عز انشغالاته لا يتخلى عن زيارة إخوته تقديراً واحتراماً ووفاءً. هذه من شيمه النبيلة التي لم يتركها حتى بعد أن أصبح قائداً للبلاد.
هذا هو الملك سلمان، الذي عرفناه ونجدد له البيعة؛ خبرة في الإدارة امتدت لعقود من الزمن كان يتابع فيها كل صغيرة وكبيرة تخص معشوقته الأولى الرياض. مثقف مطلع يتابع كل ما يكتب في شجون الوطن ويناقشته بأريحية. وفاء للأخ والقريب والصديق دائم ومستمر بغض النظر عن أي موقع هو فيه.
ندعو له بطول العمر والصحة والعافية كما ندعو بالرحمة لملوك هذه البلاد الراحلين وآخرهم الكبير عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وإن غاب عنا منذ سنين ثلاث فذكراه باقية وأعماله ممتده طالما هناك سلمان يسير على درب عبدالله ومن قبله فهد وخالد وفيصل وسعود وعبدالعزيز. هذه بلادنا تواصل المسيرة، نبايع ملكاً ونتذكر ملكاً والبلاد تتطور وتزدهر في ظل دولة راسخة قواعدها.. حفظ الله بلادنا ووقاها من كل شر ووفق قادتها لما فيه خير البلاد والعباد.