د.ثريا العريض
يتزامن الاحتفال بذكرى البيعة الثالثة وتسنم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - سدة الحكم مع ابتداء السنة المالية الجديدة. ونتذكر في المناسبتين منجزات القيادة الحكيمة حتى اللحظة, ومصيرية استدامة السعي الهادف مفصلاً برؤية تستشرف المستقبل، وتؤسس للوطن الحلم.
كل عام والوطن أقرب إلى حلمنا مما نخال ممكنًا.
في الذكرى الثالثة للبيعة أتقدم إلى خادم الحرمين الشريفين والوطن مهنئة بما أُنجز في عهده الميمون, متفائلة بالمزيد. وأشهد بوصفي مواطنة متابعة للجهود المبذولة بأن المنجزات التنموية والإنقاذية تستحق الاحتفاء والتفاؤل بالقادم.. وأشيد بتميُّز الميزانية التقديرية وبرامجها بدقة التفاصيل, والشفافية, وميزتَيْ الشمولية وروح تداعم الفريق في التنفيذ, ومرونة التصميم لسرعة الاستدراك والتعديل لمواكبة ما قد يأتي بعد البدء بالتنفيذ على أرض الواقع.
تابعتُ خطاب خادم الحرمين في مجلس الوزراء معلنًا اعتماد الميزانية للسنة القادمة, وتابعت بعده المؤتمرات الصحفية المتتالية للوزراء المسؤولين، يوضحون تفاصيل الميزانية في إطار برامج الرؤية 2030, بدءًا بمنجزات الوطن في العام الأسبق, وتطلعات التوجهات للمرحلة القادمة.
بلا شك كل مواطن من الجنسين يحتاج إلى أن يفهم ويعي الحيثيات الداعية للإجراءات والتغييرات التي ستمس حياته الخاصة شخصيًّا, وأن يطلع على مدى التقدم في تحقيق أهداف الرؤية, ومنجزات برامجها والقادم منها؛ ليطمئن أن القيادة ماضية في التغلب على التحديات والضغوط الهائلة التي كنا نحسها ونراها شبه مستعصية, ونراها الآن تنجلي. لعل أهم التطورات الإيجابية إعادة تأسيس وبناء الاقتصاد الوطني مدعومًا بهيكلة مؤسساتية ومكونات جديدة؛ إذ لم يعد ممكنا الاعتماد على النهج الريعي الذي ألفناه منذ سنوات الطفرة والوفرة المادية مرتاحين إلى تحمُّل الحكومة كل تكاليف تسيير الوطن, وتيسير أمور المواطن. سياسة المصدر الأوحد للدخل الوطني مختزلاً في استخراج وتصدير النفط الناضب لم تعد ممكنة، ولا يُعتمد عليها في تذبذبات أسعار النفط ومنافسة المصادر الأخرى للطاقة. وحتى لو شرحنا أن الميزانيات المعتادة تعتمد تقديرات متحفظة فيما يتعلق بالإيرادات فميزانية هذا العام تعتمد تقديرات متفائلة.. وهذا قلص تقديرات الفارق المتوقع بين الإيرادات والمصروفات إلى 50 %؛ فقد اعتمدت لهذا العام أكبر ميزانية في تاريخ الدولة.
ولتحقيق استدامة التطور الإيجابي لا بد من الاستفادة من كل الموارد البشرية المتاحة، وتعزيز وتمكين الشباب والمرأة من المشاركة في التنمية وصناعة القرار، وكذلك ترشيد الدعم للتركيز على محدودي الدخل بصيغة أمثل, واستنهاض القطاع الخاص والهمة الفردية للمواطن للقيام بدورهم في تحمُّل المسؤولية. ومن هنا جاءت البرامج مركزة على إرضاء المواطن وتأمين احتياجاته من خدمات الإسكان والتعليم والصحة والتأمين والتوطين وحساب المواطن.. عبر دعم الموارد بإيرادات تقديرية من مصادر غير نفطية كالقيمة المضافة، واسترداد بعض ما استلبه الفساد, وتشجيع الاستثمار والتصنيع للتصدير والاستهلاك المحلي.
تحية تقدير لمن أعدوا الميزانية، ومَن اختاروا تفاصيل برامجها في الوزارات المختلفة، وللمجلس الأعلى للاقتصاد والتنمية، وعلى رأسهم سمو ولي العهد, عراب رؤية التحول والمشرف على تنفيذها؛ إذ طمأننا بأن مستقبل الوطن تحميه وتضمنه الأيدي والعقول الأمينة القادرة على ترسيخ طقس الاستقرار, وتحقيق الرؤية المتفائلة بوطن مثالي، يحتفي بما يسعده. وأنا يسعدني خاصة كل ما يتعلق بتوضيح ودعم موقع المواطن، وبالذات المرأة في المجتمع، وتمكين الكل بصورة مترابطة من القيام بدورهم في بنائه بمحتوى فاعل وإيجابي.
كل عام ونحن والوطن بخير وتطورات تستدعي التفاؤل بالقادم.