محمد سليمان العنقري
أعلنت الأسبوع الماضي ميزانية الدولة للعام المقبل 2018 م والتي تعد أكبر ميزانية تقديرية من حيث الإنفاق تاريخياً حيث قدر عند 978 مليار ريال معلنة عن أهداف عامة حيث إن الموازنات توضع لتحقيق أهداف رئيسية تترجم الخطط الإستراتيجية للاقتصاد بحسب مراحل تنفيذها زمنياً.
فقراءة الأهداف العامة للموازنة تقود لمعرفة اتجاهات الاقتصاد عموماً والقطاعات المستهدفة خصوصاً والتي من خلال تحليلها تكون توجهات استثمارات القطاع الخاص وهو الذي يتوقع أن يكون شريكاً برفع نسب النمو المستهدفة والتي تصل إلى 2.7 % أي بنمو سيصل بالناتج المحلي لقرابة 2.6 تريليون ريال، فالميزانية تهدف إلى رفع نسب النمو الاقتصادي بقفزة كبيرة عن العام الحالي من خلال ضخ رأسمالي يقارب 338 مليار ريال يشمل ما سيستثمره صندوق الاستثمارات العامة عند 83 ملياراً وما سيموله صناديق التنمية بحوالي 50 مليار ريال وسيتركز جزء كبير من الإنفاق بالبنى التحتية مما سيجذب الاستثمارات ويولد فرص العمل اذ يتوقع خفض البطالة إلى حوالي 12 % من 12.8 % حالياً وهذا يعني أن عدد فرص العمل التي سيولدها الاقتصاد لو أخذنا بعين الاعتبار العاطلين مع القادمين الجدد لسوق العمل يفترض أن تصل ما بين 100 إلى 150 ألف فرصة عمل جلها في القطاع الخاص الذي يفترض أن العام القادم سيكون بداية مرحلة جديدة بدوره الاقتصادي مع البدء بطرح فرص الخصخصة إضافة للمشروعات الحكومية التي ستنفذ مع الأخذ بعين الاعتبار المبادرات التي ستحفز القطاع الخاص للاستثمار كمشروعات الإسكان والتوسع بالصناعات التحويلية والعديد من الأنشطة المستهدفة في قطاعات خدمية متنوعة بدعم من برامج تمويلية واسعة وعديدة بحسب ما هو مذكور في بيان الميزانية وما يمكن استنتاجه منه.
ومن خلال العمل الكبير الذي تطمح الحكومة لتحقيقه في العام المالي القادم الذي يرتكز على تنفيذ مراحل من برامج التحول الوطني وهو ما يعد جانب إيجابي بأن تكون الميزانية معدة وفقاً للخطة العامة للتحول الاقتصادي حيث كان ما يعاب على الخطط التنموية سابقاً الفجوة بين ما يرسم فيها والميزانيات العامة المعتمدة التي تتباين مع أهداف تلك الخطط نتيجة لظروف تمويلية واقتصادية عالمية عديدة اثرت على حركة أسعار النفط بتقليات حادة إلا أن الاعداد الحالي للموازنات يركز على الاستدامة المالية من خلال إصلاحات بالمالية العامة رفعت الإيرادات غير النفطية بنسب كبيرة لتنفيذ البرامج الاقتصادية المرصودة وهو عامل مهم جداً لتحقيق نسب النمو المتوازنة المستهدفة بدلاً من التقليات الحادة التي كان لحركة اسعار النفط دور كبير فيها مما وضع الاقتصاد المحلي تحت ضغط متطلبات التنمية والقدرة الدائمة على توفير التمويل لها سابقاً بسبب الاعتماد على إيرادات النفط بنسبة فاقت 90 % بالمتوسط سابقاً قبل تتفيذ الهيكلة الاقتصادية الحالية.
غير أن تنفيذ ما جاء في الميزانية العامة من أهداف تنموية يواجه تحديات عديدة ذكرت وزارة المالية ببيانها الذي حمل الكثير من المعلومات العديد منها فاستقرار أسواق النفط يعد تحدياً كبيراً يضاف له استقرار الاقتصاد والوتيرة التي سيحددها الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة وتأثيرات ذلك على نمو الإقراض للقطاع الخاص وإن كان رفع مساهمة صناديق التنمية الحكومية بالتمويل يعد تحوطاً لي تباطؤ بنمو الإقراض لكن يبقى تسريع رفع أسعار الفائدة لو حدث له تأثيرات سلبية على التمويل من البنوك للقطاع الخاص والأفراد إضافة لمدى سرعة استجابة القطاع الخاص لضخ الاستثمارات بالاقتصاد يضاف لذلك التغيرات التي ستطرأ على انفاق المستهلك المحلي مع الإصلاحات الاقتصادية بالإضافة لنسب التضخم المتوقع ارتفاعها وهل ستكون ضمن توقعات الجهات الرسمية المعنية بما لا يؤثر على خطط الإنفاق العام أو جدوى الاستثمارات من القطاع الخاص أو إنفاق المستهلك فهذه التحديات وغيرها واضح أنه وضعت كاحتمالات وبالتأكيد توجد خطط لمواجهتها لكن سيكون لها تأثير على نسب الإنجاز ولذلك ذكرت ببيان وزارة المالية من باب الشفافية المطلوبة والواقعية بالتعاطي مع الخطط التنموية وما يواجهها من تحديات وما يدعم تنفيذها من إمكانيات وإيجابيات.
ميزانية العام المقبل تهدف لعودة وتيرة النمو الاقتصادي المتوازن وغير المتأثر بتقلبات أسعار النفط وبما يفوق نسب النمو السكاني بالإضافة لتحقيق أهداف الرؤية التي باتت خارطة الطريق لتوجهات الاقتصاد الوطني.