مها محمد الشريف
كانت تركيا الاستثناء الذي شذ عن النمط العربي سواء من حيث الطبيعة أو البيئة، وقد انبثق الاختلاف من المنافسات الدولية والانفتاح أكثر على الأحداث الخارجية، فتبعاً لسياسة الدولة تغير الموقف الأخلاقي في فكر السلطة العليا، وتغيرت السياسة بعدما لمع نجم أردوغان في هذه الفترة الزمنية، وتضاءلت الحاجة للمبدأ الذي يقوم على أهمية العلاقة مع الدول العربية وهم الأكثر حماسا للسياحة والدخل الكبير الذي يعد رافدا مجزيا للدولة.
وانتصاره في عدة مواقع سياسية خارجية وداخلية ، فعلى الرغم من تألق نجم تركيا الأول، إلا أنه فشل في بناء الإمبراطورية التي يريدها بشكل علني في محاولة تعويضية لسنوات ماضية لم يحقق خلالها أي تقدم يُذكر سوى اتساع رقعة الخلافات مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا وشعور يسيطر عليه الخوف من المعارضة، فقد اعتاد أن يكون الشكل النهائي لأهدافه هرمياً مهما كانت هذه الأهداف الاستراتيجية غامضة، والأمر الذي يزداد غرابة ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية عن شكوك بفتح بوابة أمام تنظيم داعش لتسهيل عبورهم، وأن آلافاً من مقاتلي تنظيم داعش الذين فروا من ساحات القتال في سوريا والعراق، قد عبروا الحدود إلى الأراضي التركية.
ومن خلال موقع بازفيد الأميركي، يوجد مقاتلون من جنسيات عديدة عبروا في الآونة الأخيرة إلى تركيا «البلد الذي يعد بوابة الجماعة الإرهابية إلى بقية العالم». ومن ثم ارتفع رتم الخطابات الصاخبة لمخاطبة الشعوب وتوظيف خلاف الدول العربية مع اسرائيل لاستثارة مشاعر الجمهور واستمالة انتباههم وحمل رسالة تجسد أخلاق الفتوة ودغدغة المشاعر الدينية والقومية، والوصاية على الإسلام والمسلمين، فضلاً عن الحملات التأديبية ضد خصوم ضعفاء ومحاولة لتعزيز دور تركيا في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.
تحولت الدولة سياسيا إلى تنظيم هزيل بمشاركتها في تقسيم دول الجوار المنكوبة وشعوبها التي تعيش تحت القهر الجبري سواء من مقاتلي التنظيم المتطرف الذين قيل عنهم قتلوا في ساحات المعارك بالعراق وسوريا، وإصرار تركيا على إبقاء قواتها في العراق.
نفهم من خلال هذه الأحداث أن هناك صراعا منظما تنظيما مشتركا بين أمريكا وروسيا وإيران وتركيا لا تفرق بين السني والشيعي - صراع يخرج من دائرة الإنسانية -، لا يوجد تفسير آخر له يسدي للأمة خدمة الشفافية والوضوح.
لذا، برهنت تلك المواقف عن قيادة غير سليمة تعمل من أجل السلام في المنطقة. تجاوزت الحدود السياسية والمسؤولية وتفاصيل أخرى تدعو لتصحيح مسارها، و يجدر بنا أن نقول إن تركيا تتخذ موقفا مناقضا لمبادئ الأمم المتحدة بخصوص جارتيها العراق وسوريا إزاء التدخل التركي في الشأن العراقي والسوري، فهل أصبحت السياسة تراجيديا سيئة للغاية؟.