ياسر صالح البهيجان
تحوّل شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) بمدينة الرياض من كونه طريقًا تحفه المطاعم والمقاهي إلى شارع يحفل بالفنون الجميلة، ويزخر بالمبدعين السعوديين في مجالات الرسم والنحت، ويضم مكتبات ثقافية متنقلة، وعروضا فلكلورية تعيد إلى ذاكرتنا روائع ما أنجزه تراثنا العربي والإسلامي والوطني.
أمانة منطقة الرياض أجادت في تنظيمها للشارع الثقافي للعام الثاني على التوالي، ومثلت بحق نموذجًا مشرفًا لأمانات المناطق بالمملكة، وخطّت طريقًا إبداعيًا، حري بالمؤسسات الأخرى أن تحذو حذوها، وأن تمزج الفعاليات الثقافية في سائر شؤون حياة المجتمع للارتقاء بأفراده معرفيًا وسلوكيًا وأخلاقيًا.
الفنون تهذب النفوس، وتمنح الإنسان إحساسًا مرهفًا يجعله أكثر إدراكًا لبيئته ومجتمعه، وترسم أجمل معاني الإخاء والتسامح والتعايش تحت راية وطن واحد متماسك، وتعد سلاحًا ناجعًا لمواجهة الأفكار الهدامة والظلامية، لذا كانت خطوة أمانة الرياض استثنائية وجديرة بالتقدير والثناء.
وكنت في حديث مع أحد الرسامين المشاركين في الشارع الثقافي، وسألته عن تكلفة المنصة التي خُصصت له، فقال إن الأمانة وفرتها له ولسائر زملائه بالمجان، وعملت على تهيئة الظروف والخدمات دون مقابل يرهق كاهل المبدعين الوطنيين، وتلك الخطوة أكدت لي أن الأمانة اضطلعت بمسؤوليتها الثقافية دون أن تنتظر مردودًا ماليًا، ولا شك بأنه عمل نبيل يراعي قدرات شرائح المجتمع كافّة، ويبرهن على أن الرقي بالثقافة المجتمعية لا يمكن مساومته بالمال، لأن أثره الإيجابي في تنوير الفكر وتعميق الوعي جدير بأن ينهض بمستقبل الوطن في شتى الميادين.
الأمانة أثبتت أن الفن ينطلق من الشارع، لا بوصفه طريقًا للسالكين، وإنما بما يحمله من تعددية مستويات من يسلكونه، فالفن ليس نخبويًا أو حكرًا على المجالس الأدبية، بل هو نتاج ما يجود به شعور البسطاء والعامة.
أمانات سائر مناطق المملكة ينتظرها تطبيق ما شرعت به أمانة الرياض، لتتحول معظم شوارعنا الرئيسية إلى حواضن لإبداعات المواطنين، ولكي تنبض الطرقات بالفنون وتبعث الحياة والفرح لدى أفراد المجتمع كافة مهما كان موقعهم الجغرافي داخل مملكتنا الحبيبة.