د.عبدالعزيز العمر
قد لا يتفق البعض مع عنوان هذه المقالة، وحجتهم في ذلك ان الحكومات هي من يملك المال، وهي ايضا من يملك السلطة، وبالتالي فهي الاقدر على تطوير التعليم.. لكن لماذا يعتقد البعض الآخر ان الحكومات لا تطور تعليما؟ يعتقد البعض ان هناك سببين يجعلان الحكومات غير قادرة على تطوير التعليم، أو بمعنى أكثر دقة غير قادرة على تطوير التعليم بافضل كفاءة ممكنة. أول هذين السببين هو البيروقراطية والمركزية المفرطة التي تجعل الشكل يغلب على المضمون، وتبطئ من حركة الجهاز الحكومي نحو اتخاذ القرار، أما السبب الثاني فيتمثل في انشغال الحكومات غالباً بمهمة نشر التعليم وإيصاله إلى كل مواطن بغض النظر عن جودة ونوعية ذلك التعليم، وهي مهمة ثقيلة خصوصاً في ظل التنامي السكاني الكبير والتكلفة المتصاعدة للتعليم. وفي هذا الشأن اورد الرئيس الامريكي ريغان الطرفة التي تقول ان احدى الولايات الأمريكية كتبت تستشير الحكومة الفيدرالية المركزية مشيرة إلى ان اللوحات الارشادية على الطرق السريعة هي دون مستوى نظر السائقين، فجاء الرد الفيدرالي الولاية باقتراح تنزيل مستوى كل الطرق السريعة في الولاية متراً واحداً (بدلا من رفع مستوى اللوحات).
ان عبء نشر التعليم في كل اطراف الوطن اصبح مكلفا وثقيلا إلى الحد الذي جعل تفكير الحكومات في جودته امرا هامشيا (ولعل مصر تكون هنا احد ابرز الشواهد على ذلك). والمتابع للتعليم محليا وعالميا يلحظ ان مهام تطوير التعليم اصبحت تسند إلى مؤسسات وشركات تتمتع بدرجة عالية من الشفافية والمرونة في اتخاذ القرار، وبالتالي لم يعد هناك الكثير من مسؤوليات التطوير لدى موظفي الجهاز التعليمي الرسمي سوى الظهور في المناسبات العامة والإدلاء بتصريحات إعلامية، أو تمثيل الحكومات في مناسبات دولية كمؤتمرات الينوسكو وخلافه.