سعد بن عبدالقادر القويعي
التعامل الصارم مع العناصر، والتنظيمات الإرهابية بمختلف توجهاتها، وأغراضها، يواجهه أمين عام رابطة العالم الإسلامي - الشيخ الدكتور - محمد العيسى، بأن مهمته الأساسية في الرابطة، هي : « القضاء على أيدولوجية التطرف، وعدم ترك الدين الإسلامي رهينة للمتطرفين «، وهو عمل جبار يدعو إلى ضرورة استخلاص النتائج في مسائل الجهاد المسلح، والعمل السياسي؛ لمعالجة أزمات التطرف الديني، وذلك عن طريق التفريق بين الدين، والأيديولوجيا، أو بين المعتدل، والمتطرف.
إن حماية المجتمعات من آثار الأيديولوجية المتطرفة، وعواقبها، وتداعياتها، تستدعي العمل على قطع إمداد الجماعات الإرهابية بالمال، والسلاح، والضغط على الدول الداعمة لها، ومحاربة الأيديولوجية التي تعتمدها التنظيمات، والجماعات الإرهابية - في شتى أنحاء العالم -، - إضافة - إلى توحيد الجهود بين جميع الدول في محاربة الإرهاب فعليا، وليس نظريا، وعدم تجاهل الدور المحوري الحاسم الذي لعبته دول عديدة في ظهور ظاهرة الإرهاب، واستفحال خطر الجماعات، والقوى الإرهابية، وتحويله إلى صناعة إرهابية عالمية، عبر عملية هندسة سياسية محكومة بإتقان، - وبالتالي - تدويل الحرب على الإرهاب من خلال منظمة الأمم المتحدة.
الإرهاب ظاهرة يصعب التنبؤ بحدوثها؛ باعتبار أن الفكر العنفي، هو - اليوم - أحد آخر العروض المتوفرة في سوق الأطروحات السياسية الراديكالية؛ إذ من دون أيديولوجيا سياسية، تكون المنظمات الإرهابية ممارسة للجريمة، ولا تُعد إرهابية؛ وحتى تتضح الأمور بشكل أكثر دقة، فقد رافق مصطلح الإرهاب التحول العالمي الكبير، والذي حدث بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ومن ثم ظهور، وسيادة مفهوم القطب العالمي الواحد، والأقوى، وهو ما أفرزته صياغة أمريكية جديدة، عرفت - آنذاك - بالنظام العالمي الجديد. - واليوم - يصطف معسكرن آخران، أحدهما: يضم روسيا، والصين، وإيران، وكوريا الشمالية، والآخر : يضم الولايات المتحدة الأمريكية، وحلفاءها من الدول الغربية؛ الأمر الذي سيؤكد على منع اللجوء إلى استراتيجيات، من شأنها تعميق الانقسام العالمي، وفي ظل حرب باردة جديدة تهدد العالم.
في تقديري، فإن الانتقال إلى هذا المستوى من الحرب مع الإرهاب، وعدم تقديس العنف الديني، وشرعنته، وتوظيفه السياسي الحاد، هو أشد تعقيدا من مجرد المواجهة الأمنية، أو محاولات فرض الحصار على مصادر تمويله. ومع كل ما سبق بيانه؛ فتبقى كلمات الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي - الشيخ الدكتور - محمد العيسى حاضرة في الذهن، وتبعث على الطمأنينة، عندما قال: « إن أثر الإرهاب، والتطرف - الفكري والعسكري - يتقلص بشكل واضح، وملموس «، وأن التطرف: « ليس له موطئ قدم في العالم الاسلامي «، حيث تشير آخر التقديرات إلى أن هذا المصطلح ينطبق عالميًا على واحد فقط من بين 200 ألف شخص. ويمكن القول لدي باختصار: إن الاستراتيجيات الجديدة في مواجهة الإرهاب ستقلص أمد الحرب عليه.
الوقت - اليوم -، هو الأنسب بشكل خاص؛ لإطلاق مناقشات حول مواجهة التطرف العنيف، والإسهام بفعالية في التصدي لهذه الظاهرة، ومن ويلاتها، ونتائجها المدمرة، وكشف داعميه، ومموليه، ممن يتبنون أجندات سياسية مكشوفة؛ هدفها اختلاق الأزمات السياسية، وشق الصف الواحد، وتهديد أمن، واستقرار دول المنطقة. وهو ما يجب أن يكون واضحا لنا، بأن استراتيجيات مكافحة الإرهاب، يجب أن تؤدي إلى عدم صعود الحركات السياسية المتطرفة، والجماعات الإرهابية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تجفيف المنابع الأيديولوجية للإرهاب، وحصاره سياسيا، وتحويل المنظمات الإرهابية جماعات مرفوضة - اجتماعيا وسياسيا -.