الجزيرة - صالحة المجرشي:
أصبح تعاطي المخدرات بين المراهقين من المشاكل العالمية التي تواجه العديد من المجتمعات العربية و الأجنبية، و ذلك لما لدى المراهقين من رغبة في الاندفاع وإثبات الذات وحب الاستطلاع وخوذ التجارب، ليُصبِح الإدمان هنا مشكلة اجتماعية وذاتية في نفس الوقت، فهو يهدد العلاقات الإنسانية التي يقوم عليها المجتمع ويدمرها، بالإضافة إلى المشاكل النفسية والجسدية التي تعود على متعاطي المخدرات.
كيف تكشف الأسرة أن أحد أفرادها متعاطي مخدرات؟
أكد استشاري الطب النفسي ناصر العنزي أن هناك العديد من العلامات والمؤشرات العامة التي تشير إلى متعاطي المخدرات والتي تظهر على الشكل العام والسلوكي، بالإضافة إلى بعض الآثار الجسدية، مثل: عدم الاهتمام بالمظهر الخارجي، وعدم الاستقرار والشكوك العدوانية تجاه أفراد الأسرة بالإضافة إلى العزلة والهروب من المجتمع، وتغيير في الأصدقاء أو التخلي عن الأصدقاء القدامى، أيضاً كثرة الطلب والإلحاح من أجل الحصول على المال دون مبررات أو حاجة معينة، فقدان الشهية ونقصان الوزن، والسرعة في الحديث وما يصاحبها من عطش شديد، ضعف التحصيل الدراسي وكسل وغياب عن المدرسة، وعدم إبلاغ الوالدين بالنشاطات المدرسية والجماعية بالنسبة للطالب مثل: اجتماعات الإباء والمعلمين، الإنذارات، اليوم المفتوح.
كيفية التعامل مع مدمن المخدرات:
قالت الأخصائية الاجتماعية منى محمد العابد إنه على الرغم من التغيرات التي طرأت على الأسرة في الوقت الحالي والتي أفقدتها وظائفها التربوية التقليدية، إلا أنها مازالت محافظة على دورها الأساسي في رعاية وتنشئة أبنائها ووقايتهم خاصةً في مرحلة المراهقة.
وفي حال إذا اكتشفت الأسرة أن أحد أفرادها يتعاطى المخدرات، يجب مساعدته من التخلص من هذا الإدمان كيف ما كان نوعه، وذلك يبدأ بالتحدث معه مباشرةً في هذه المشكلة وعن آثارها الصحية والنفسية الخطيرة، بالإضافة إلى تحريم الله سبحانه وتعالى لها والنهي عنها في العديد من الآيات القرآنية، كما يجب تفهم الأسباب التي جعلته يدمن على المخدرات، والحزم على ضرورة الابتعاد عنها وإخباره بأن الاستمرار في تعاطي المخدرات لن يكون مرضياً وستكون هناك عواقب وخيمة، ومساندته بالوقوف إلى جانبه لتخطي هذه المشكلة بعيداً عن تعنيفه أو إهانته، ومحاولة استخدام الأحاديث الإيجابية التي لا تؤدي إلى تحوله للدفاع والإنكار ورفض المساعدة.
بالإضافة إلى منحه الكثير من الوقت لحمايته من نفسه ومن المخدرات وأصدقاء السوء الذين يعتبرون مصدراً للحصول على المخدرات، ومنعه من الخروج من المنزل إلا بصحبة أحد أفراد الأسرة للتعمق أكثر في فهم مشاكله، كذلك يفضل منعه من الاتصال هاتفياً بأصدقائه وإظهار أن ذلك حباً لمساعدته على تخطي فترة الانقطاع.
ونوهت العابد إلى أن المراهق المدمن يحتاج إلى تشجيع على ممارسة أنشطة يومية والهوايات التي يفضلها والرياضة، أو إقامة الأنشطة الجماعية مع أفراد الأسرة مثل: الزيارات العائلية، الرحلات أو الذهاب للمسجد، لأن ذلك سيشغل تفكيره ووقته عن المخدرات ويجعله أكثر بعداً عنها، وسيساعد على وقايته من العودة للإدمان.
كما أن المجتمع يحتاج إلى نشاط وقائي مشترك بين الأسرة والهياكل الاجتماعية المحيطة مثل: النوادي الرياضية والتعليمة، والجمعيات الخيرية، للتوعية بأضرار المخدرات والكشف عن أماكن وجودها داخل الحي السكني، أو أي مكان أخر، ليبتعد مروجو المخدرات عن الأسرة والمجتمع المحيط بها.
دور الأسرة الوقائي:
وأوضحت أخصائية الإرشاد التربوي مريم الحسن أن الأسرة هي البيئة الأولى التي ينشأ فيها الإنسان، ويرتبط ويتأثر بها بشكل قوي، ويقع الدور الكبير على عاتق الأسرة في توعية الأبناء ورقابتهم وتهيئة الجو المستقر لهم حتى تجنبهم مخاطر الإدمان عن طريق هذه الإرشادات:
- يجب أن يكون الوالدين القدوة الحسنة للأبناء، بالإضافة إلى الوعي بالمشاكل المجتمعية مثل: مشكلة الإدمان وانتشارها في المجتمع، والإلمام بطرق التصدي لها.
- تنمية الثقة بالنفس والوازع الديني وتعزيزه لدى الأبناء منذ الصغر، والحرص على متابعة سلوكهم داخل وخارج المنزل، وتصحيح هذا السلوك وتقويمه.
- تنمية الوعي الصحي لدى الأبناء، وتعليمهم المبادئ الأساسية للصحة العامة وكيف تتم حماية أنفسهم من المخاطر المحيطة بهم، وأهمية ذلك للحياة الصحية السليمة.
- تعليم الأبناء الحقائق والمخاطر والآثار على النفس والمجتمع الناتجة عن استعمال الخمور والمخدرات وإظهار حرمة تجربتها.
- التعرف على أصدقاء الأبناء والإلمام بأرقام هواتفهم، أو أرقام هواتف أبائهم.
- إتاحة الفرصة للأبناء للتعبير عن مشاعرهم، مناقشة مشاكلهم المدرسية والأسرية ومساعدتهم في التغلب عليها.
- توفير جو أسري يعمه الهدوء والسلام والسعادة والمحبة، فالأسرة التي يسودها الحب والاحترام والاستقرار تكون بعيدة عن الانحرافات السلوكية والمخدرات.
- يجب إبعاد الأبناء عن الخلافات والمشاكل التي تدور بين الزوجين، وحلها بعيداً عنهم.
- مساعدة الأبناء في الحصول على المعلومات التي تثيري عقولهم، وتساعدهم في اكتساب المهارات التي ترفع قدراتهم المعرفية والمهنية.
إشراك الأبناء في بعض النشاطات والمسؤوليات العائلية، ومكافأتهم عند تقديم إنجازاتهم.
إتباع أسلوب التوازن التربوي للأبناء كتقديم الحب والعطف مع الحزم والجدية، والابتعاد عن التمييز أو التفرقة بين الأبناء، أو تفضيل أحدهم على آخر لأي سبب كان.