فيصل أكرم
تفضّل أخي الكبير، الدكتور عبد المحسن القحطاني، فأهداني النسخة الأولى من كتاب (أسبوعيته الثقافية) في موسمها الخامس ضاماً الفترة الأخيرة من أطروحات الأسبوعية ونقاشاتها في العام المنتهي، وكان قد أهداني قبل ذلك بأيام كتاب الأسبوعية في موسمها الرابع.. والكتاب (الموسم الخامس أعني) تمت طباعته في القاهرة حيث نلتقي مؤخراً.
لن أسهب الكلام عن اهتمام هذا الرجل، بل اهتماماته الثقافية الكثيرة، ليس على السبيل الأدبي وحسب، إنما على مختلف شؤون الثقافة بتفريعات سبلها المتماسة مع كل إنسان؛ فليس أدل على اهتمامه من حرصه على العودة إلى جدة بمجرد إتمام ارتباط الموعد بالمحاضر والحضور. فالحديث عن الكتاب في إضمامتيه الأخيريتين (الموسم الرابع ثم الخامس) هنا يتضمن تلك الاهتمامات الكبيرة التي تغريني بالتوقف عندها وقفة اعتزاز تأمليّة قصيرة تشبه التحية؛ فلو ألقينا نظرة على فهرس الموسم الرابع من الكتاب سنعرف مدى التنوع في الاهتمامات من عناوين المحاضرات: (جامعة الملك عبد الله من الرؤية إلى الواقع، قراءة في بين منزلتين، نوادر التاريخ العمراني والحضاري لمكة المكرمة، أطلس طريق الهجرة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الهيئة والمجتمع، الحب العذري بين البدوي والحضري، تجربتي مع مجمع اللغة الافتراضي، الاقتصاد والتنمية المستدامة، في ديوان الشعر العربي، دور الجمعيات في تعزيز القيم، الآثار النبوية في الحجاز: مكة المكرمة أنموذجاً). أما الموسم الخامس فيأتي تأكيداً على كثرة هذه الاهتمامات وتنوعها: (الخطاب الشعري وأنساق العلاقة بين الهوية العربية والتشكيل المعماري والنص، خطاب الجنون: الاستبعاد والنفي، وتخفي في نفسك ما الله مبديه، التنمية السياسية ومفهومها وأهميتها، إطلاق الإبداع في المنظمات، الثقافة في مصر الخديوية، في ورطة الناقد الما بعد حداثي: عودة لأسئلة الوجود والوظيفة، ثقافة المجتمع المكي والعمل الموسوعي، القناة الثقافية أنموذجاً).
وبعد استعراض هذه العناوين لمحاضرات أسبوعية صاحب (بين منزلتين) أفلا يحق لي أن أعنون مقالتي هذه عنه بوصفه (بين اهتمامات كثيرة)؟!
سبق أن كتبتُ مقالة من حلقتين حول السيرة الذاتية (لليتيم عبد المحسن القحطاني) حين صدرت في جزئها الأول بعنوان (بين منزلتين) وكنت قبلها بعامٍ ونصف قد كتبتُ مقالة عنوانها (د. عبد المحسن.. اكتب سيرتك) إثر مشاهدتي لحلقة تلفزيونية تحدث فيها عن محطات في حياته كان أكثرها تأثيراً – بالنسبة إليّ – محطة طفولته الضاربة في اليتم، وقلتُ مما قلتُ تماهياً معها (وكل يتيمٍ لليتيم نسيبُ) مع الاستئذان من امرئ القيس!
غير أن (أسبوعية عبد المحسن القحطاني الثقافية) تستحق كتابات أخرى تحرّض على اقتناء كتبها المجزأة بحسب المواسم السنوية، ففيها يجد القارئ نفسه آخذا مكانه وسط حضور الأسبوعية متابعاً بدقة مكتوبة كل ما قيل خلالها بالإضافة إلى تمكنه من قراءة ما بين السطور لكلام لم يُقل!
والأسماء المختارة، سواء للمحاضرين أو للمناقشين والمعلقين وحتى للحضور مهمة، ومن علامات المشهد الثقافي - محلياً وعربياً - بكل تموجاته، أذكر منها - على سبيل المثال- الدكاترة: عبد الرزاق الصاعدي، المنصف الوهايبي، زهير نواب، محمد المريسي الحارثي، عبد العزيز السبيل، يوسف العارف، مراد مبروك، أحمد آل مريع، صدقة فاضل، سمير برقة... والأساتذة: حسين بافقيه، عبد العزيز العيد، عثمان الغامدي، محمد باوزير ... وغيرهم كثير من الأسماء الفاعلة بتميّز في مجالاتها النابعة من العمق الثقافيّ؛ فباختصار.. تلتزم فعاليات هذه الأسبوعية بمبدأ جاء على غلاف كتاب موسمها الرابع: (أملاً في ترسيخ مفهوم الثقافة بما تعنيه من اتساع ورؤية). وأزيد عليه بوصفها: تُعنى بالثقافة التنويرية التوثيقية الجادة المنشغلة باهتمامات كثيرة؛ وأكتفي بالتحية لضيق المساحة.