عن (دار الأدب العربي للنشر والتوزيع) صدرت عام 1438هـ رواية بعنوان (ليلة القيامة) للكاتبة/ حسنة القرني.
وتقع هذه الرواية فيما يقارب 223 صفحة من القطع العادي، اعتمدت خلالها كاتبتها على ما يمكن أن نسميه بـ (الواقعية التسجيلية) أو الأسلوب (الوثائقي) المعتمد على معالجة الأحداث وزمانها ومكانها وشخصياتها وأدوارها معالجة (وثائقية) تستمد مادتها –أساساً– من الواقع الفعلي المحيط بالحادثة، مؤرخاً بالزمان، ومحدداً بالمكان.
لكن الكاتبة هنا تصرفت في عرضها للحادثة وتحليلها وتفسيرها من وجهات نظر شرعية وأخلاقية وإنسانية متعددة، قد تتفق في بعض من جوانبها، وقد تختلف عن بعضها من جوانب أخرى، تصرفاً تطغى عليه مسحة فنية واضحة، تجنح في كثير من الأحيان لـ (غرائبية السرد) وإحالة مسرح الحادثة إلى عالم (غرائبي) متناقض من السلوكيات والتصرفات والأفكار الخارجة عن إطار المألوف والمعقول والمتعارف عليه فهي تتمسك بـ (الواقعية) حيناً وتنسلخ عنها حيناً آخر مما أدى –بدوره– إلى تداخل الواقعي بالمتخيل، والحقيقة بالوهم، واليقين بالشك، كما تدل عليه عبارة (من ذا يقول يقينا؟) التي جاءت كعنوان فرعي تفسيري مكمل للعنوان الرئيس للرواية مما يعني أن ثنائية (اليقين والشك) أمر لا يجد عنه القارئ مهرباً، وستظل الهاجس المسيطر على ذهنه ومخيلته وتفكيره طيلة امتداد صفحات هذه الرواية.
وهذا التصرف الفني، المخلخل في بنيته، والمشحون بجدلية (اليقين والشك) والصراع بينهما، الذي اعتمدته حسنة القرني هو ما جعل لروايتها هذه أبعاداً وفضاءات متعددة غير محددة بإطار أو شكل معين, تشاكس الواقع وتماحكه، وتغالب ظروفه القاسية المحيطة، وكأنها تحاول إعادة تشكيله لصالح شخصياتها، حين تهرب منه أو تغيب عنه مثل هذه الشخصيات ذات الأدوار المؤثرة في المشهد السردي ككل، كلما شعرت بضعفها، ومن ثم العودة إلى مسرح الحياة من جديد بحضور قوي متماسك كلما شعرت بأنها قد أصبحت قوية وقادرة على المواجهة.
والرواية في مضمونها العام، ذات منحى فلسفي ايديولوجي، تسعى إلى اكتشاف أسرار الخلق والحياة والموت والبرزخ والبعث والخلود ومبدأ الوجود والعدم وفلسفة الصراع بين الخير والشر، وتحاورها على ألسنة شخصيات متباينة في تكوينها المادي والحسي والمعنوي.
** **
- عرض وتحليل/ حمد حميد الرشيدي