علي الخزيم
اشرأبت الأعناق وخفقت القلوب، وتداعت المشاعر الوطنية بعضها البعض للاحتفاء بمناسبة لا أغلى ولا أهم منها في مضامين التحام القيادة بالشعب وحب الجميع للوطن الغالي مهبط الرسالات، ومبعث عدد من الأنبياء والرسل، منهل العقيدة وموطن أعظم المقدسات، وموئل أفئدة المسلمين جميعاً، هذا الوطن العظيم بقيادته العادلة الرشيدة يستحق من الشعب الوفاء والاحتفاء بمناسباته وكأنها تحدث للتو، شعب فاق الوصف لطفاً وإخلاصاً ووطنية صادقة، تجلَّت هذه الصفات بمواقف ومفاصل وطنية كثيرة، والمواطن لا يفضل التعداد حين يكون الإخلاص وصدق المواطنة ديدنه وطبعه، فالسجايا الراقية عنده تجاه الوطن لا تُسجَّل ولا تُرصد نتائجها فهي تأتي سلسة لطيفة اعتادها المواطن بصدق انتمائه لأرضه وتراب وطنه، وإخلاصه العميق لقيادته لثقته التامة أنها تسهر لراحته ورفاه معيشته، وتعمل على تحقيق أمنياته ومتطلباته الحياتية بيسر وسهولة، وذكرى البيعة المباركة هي مناسبة ينتظرها المواطن بشغف وترقب للتعبير الصادق عن مكنون القلوب للوطن الغالي والقيادة الحكيمة، فأنعم بها من قيادة وأنعم به من شعب وفيّ عظيم ووطن يسمو فوق الاعتبارات والأقاويل، مملكة الإنسانية والحزم والعزم، فكلنا اليوم بهجة وحبوراً، نحتفي باعتزاز بذكرى البيعة المباركة لخادم الحرمين الشريفين -أيده الله- وهو يجدد حرصه وتأكيده بكل مناسبة على المضي والاستمرار نحو التنمية المتكاملة؛ فمن أقواله بهذا الاتجاه: (لقد تبنينا رؤية المملكة 2030 التي تعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي التي من شأنها الانتقال بالمملكة إلى آفاق أوسع وأشمل ولا بد من تضافر جهود المجتمع لإنجاحها، وعلى الدوام أظهر المواطن السعودي استشعاراً كبيراً للمسؤولية وشكَّل مع قيادته وحكومته سدَّاً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين، وأفشل -بعد توفيق الله- الكثير من المخططات التي تستهدف الوطن في شبابه ومقدراته، إن منهجنا ثابت ومتواصل في السعي نحو التنمية الشاملة والمتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، وإتاحة الفرص للجميع لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها).
ولقد رسم ملك العزم بخطابه الأخير أمام مجلس الشورى وبكلمات واضحة الطريق لمحاربة التطرف ومحاسبة المتطرفين، ومجدداً التأكيد على تمسك الدولة المستمر بالاعتدال والوسطية، فما قاله بخطابه البليغ: (إنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالاً ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمُنْحل يرى في الحرب على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يُسْر الدين لتحقيق أهدافه، وسيحاسب كل من يتجاوز ذلك).
وحين تحتفي المملكة العربية السعودية بالذكرى الغالية، ويتفاعل المواطن والمقيم مع فعاليات الاحتفالية بكل صورها وأشكالها، وإبداء المشاعر الوطنية الصادقة؛ فإن مرد ذلك الثقة الكبيرة أن هذا التطور والتحديث إنما وجدا ليعم نفعهما شرائح المجتمع كافةً في إطار التنمية الشاملة، ولا يملك المواطن وهو يرى بلاده قد تحوّلت إلى ورش للعمل الدءوب والبناء الشامخ والنهضة المتوازنة والتحديث الشامل؛ لا يملك إلا الابتهال لله سبحانه أن يحفظ البلاد والقيادة المخلصة، وأن يزيدنا من فضله وأن يديم علينا هذه النعم ويحفظها جل شأنه من الزوال.