نوف بنت عبدالله الحسين
لغة مقدسة في النفوس.. ترق لها الأفئدة.. وتجعلنا في حال تأمل ما بين انحناءات حروفها وجماليات معانيها.. نعيش من خلالها أجمل الحكايا وأروع القصص.. نعبر عبرها نحو عوالم من المحسنات والبدائع.. نتعايش مع روحانية الحروف من كلام الله المنزّل.. تدثّرنا آيات محكمات بإعجاز القرآن.. ليكون بلسان عربي مبين.. نقرأ ونقتبس وندبر ونتفكر في قدسية اللغة.. وكيف لها أن تصنع في خيالنا جنات ألفافا.. نور على نور.. وقبس من نور.. لغة الحق والصفاء.. لغة العلم والعلماء.. لغة الفكر والثقافة.. لغة الحس والإدراك.. لغة العقل والمنطق.
ومع كل هذه الهالة العظيمة للغة الضاد.. نجدنا في أزمة حقيقية لاكتشاف جماليّاتها ورونقها.. في ظل جيل وقع ضحيّة تشويه للغة.. من خلال مناهج تتحدث عن اللغة برتابة مملّة.. دون الشعور بكنوز وخبايا لغة عشنا بها رفعة شأن واعتزازاً للروح.. مزعج أن تنحسر اللغة فقط في فعاليّات بسيطة وقليلة.. أو أن تكون ضمن إطار ضيّق وفي حدود الدراسة.. دون تفعيل جاذب في كل المنابر الإعلامية والفكرية والثقافية والتعليمية والتربوية.. أن نحتفل على استحياء.. وأن نتباكى على تاريخنا الجميل ونحن نتحدث عن عظمة اللغة.. تلك اللغة التي غادرناها في زحمة التفاصيل المملة.. تناسينا كيف نعلّم أطفالنا تذوّق اللغة واستشعار اللذة الكامنة في زواياها ومعانيها.. نسينا كيف نتأنى في رسم الحرف فوق السطر وبحركة احترافية يتدلّى طرفه تحت السطر.. أن ننتقل ما بين خط رقعة ونسخ.. ونبحر في سماء الخط الكوفي والأندلسي.. وكيف كانت مادة الإنشاء والتعبير تحفيزاً لمواطن الجمال اللغوي.. أتساءل حقاً.. أين اختفى ذلك كله؟.. وأين توجهت لغتنا الجميلة؟.. وكيف لتراثنا اللغوي أن تختلس منه أجمل ما فيه دون أن ينتبه أحد لذلك؟.
لغتنا تحتاج إلينا أكثر.. أن نتعلّمها من جديد.. كما يليق لها أن تكون.. لغتنا الخالدة في قلوبنا وأذهاننا.. لغة أهل الجنة تستحق منّا أن نعيد النظر في قدسيّة التعامل معها.. والتأنق بها.. والارتفاع نحوها. هي لغة الشمولية والإيجاز.. تلك لغة الإعجاز.. لغتنا العربية.. لغة الضاد.