يُعد مؤشر مسح الميزانية المفتوحة، التقييم الوحيد والأداة المستقلة لقياس مستوى شفافية ميزانيات الدول حول العالم، والذي تُصدره منظمة الشراكة الدولية للموازنات كل عامين، من خلال إجراء تحليل ومسح شامل لتقييم ما إذا كانت الحكومات في بعض دول العالم تُقدم للناس معلومات عن ميزانياتها وتتيح الفرصة للمشاركة في مراحل إعداد تلك الميزانيات.
ويتم قياس مؤشر مسح الميزانية المفتوحة عن طريق باحثين مستقلين يُقيمون في كل دولة من الدول التي يتم إجراء المسح عليها، من خلال الإجابة على ما يزيد عن 100 سؤال، تتم مراجعة نتائجها من قبل خبراء لا يتم الكشف عن هوياتهم، وتستطلع أغلب الأسئلة مقدار معلومات الميزانية التي تتم إتاحتها للعامة من خلال وثائق الموازنة الرئيسية الثماني وهي (البيان التمهيدي للميزانية، مقترح الميزانية للسلطة التنفيذية، الميزانية المقررة، ميزانية المواطنين، التقارير الدورية، مراجعة منتصف العام، تقرير نهاية السنة، تقرير المراجعة)، ويتم ذلك وفقاً لعدد من المعايير الدولية للشفافية المالية التي تم تطويرها من قبل منظمات دولية متعددة الأطراف، مثل صندوق النقد الدولي (IMF)، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والمنظمة الدولية لأجهزة الرقابة العليا (INTOSAI).
وبالنظر في النتائج الإجمالية لمؤشر مسح الميزانية المفتوحة الأخير 2015، نجد أنه تم تقييم 102 دولة حول العالم، كانت الأغلبية منها بواقع 78 دولة لم توفر معلومات كافية عن ميزانياتها، وكانت السعودية من بين هذه الدول، على الرغم من أن منظمة الشراكة الدولية للموازنات التي تُصدر مؤشر مسح الميزانية المفتوحة، ترى أن الحكومة السعودية لديها الإمكانيات اللازمة لزيادة شفافية الميزانية من خلال تنفيذ عدد من الإجراءات والمبادرات، التي يمكن لبعضها تحقيق نتائج سريعة وكبيرة دون أي تكلفة.
وحيث إن ميزانية المملكة لعام 2017م، قد تميزت بمقدارٍ مناسب من الشفافية والوضوح، من خلال ما تضمّنته تقارير وزارة المالية المعلنة من بيانات ومعلومات حول تفاصيل الإنفاق الحكومي، والدين العام، والعجز المتوقّع، كما أن أرقام الميزانية ربع السنوية باتت تُنشر بشكل دوري اعتباراً من بداية ميزانية العام المنصرم، وهذا ما يؤكد الرغبة الجادة في تعزيز الشفافية والإفصاح المالي، ويتماشى مع القواعد والمعايير المتعلقة بالشفافية المالية العامة التي تعتمدها المنظمات الدولية ذات العلاقة.
ومن المأمول أن ينعكس إعلان الميزانية العامة للدولة للعام 2018م، ووفقاً لما أكدت عليه رؤية المملكة 2030 من انتهاج مبدأ الشفافية، وامتداداً للجهود التي تقوم بها وزارة المالية والأجهزة الأخرى ذات العلاقة في هذا الشأن، على تحسَّن ترتيب المملكة في مؤشر مسح الميزانية المفتوحة في التقرير القادم، وأن يُساهم في استقطاب الاستثمارات العالمية؛ سعياً إلى تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومع كل ذلك ورغم الإنجازات الكثيرة، إلا أنَّ آمالنا ما زالت كبيرة.
** **
د. سالم بن مبارك الضويلي - خبير في الشفافية والإفصاح