زكية إبراهيم الحجي
عُرِف عنه أنه كان لصاً ماهراً.. سرق في ليلة من الليالي شاة لأحدهم وحملها ليهرب بها إلا أن يقظة الراعي أفسدت سرقة الليل حيث رمى اللص بسهم أصاب كتفه وآخر استقر في فخذه محدثاً له جرحاً غائراً سبب له عرجاً.. ورغم ذلك استمر في السلب والنهب وقطع الطرق ويقال إنه فقد إصبعيه السبابة والوسطى من يده اليمنى خلال إحدى مغامراته.. لم تكن شخصية اللص الأعرج شخصية مغمورة فهو إن كان فاتحاً لا يشق له غبار.. إلا أنه في الوقت ذاته كان طاغية مستبداً وربما كان أول من ارتكب جرائم ضد الإنسانية كما نردد نحن اليوم عن جرائم مجرم سوريا «بشار الأسد» فاللص الأعرج أقام إمبراطورية مترامية الأطراف امتدت من بلاد ما وراء النهر إلى الهند وروسيا والعراق والشام.. إمبراطورية قامت على جماجم البشر وفق منهج «الغاية تبرر الوسيلة» هكذا روت لنا كتب التاريخ
تيمورلنك شخصية تتارية لفتت أنظار المعاصرين له وشغل حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين في العالم لدراسة سيرة وحروب هذا الغازي الذي تمكن من توجيه قوات جيوشه نحو الغزو الخارجي خلال أقل من نصف القرن فخضعت له دول وشعوب..وتذكر لنا كتب التاريخ أنه حتى ملوك أوروبا خطبوا وده طمعاً في صداقته
عُرف عن تيمور الدهاء الشديد ما جعله يدرك من أين تؤكل الكتف لذا كانت بدايته من خلال السيطرة على مدينته سمرقند ثم ما لبثت أن توالت حملاته التوسعية سلاحه الرئيسي في كل حروبه هو الخوف.. فقد كان يمتلك قدرة فائقة على بث الرعب والخوف في نفوس أعدائه من خلال المجازر الدموية التي يقوم بها في البلاد التي يهاجمها.. وحقيقة الأمر أجد أن هناك مبالغة كبيرة فيما ترويه بعض كتب التاريخ التي تشير بأن تيمور سيطر على ثلثي الأرض.. فبعض فصول سجلات التاريخ مصابة بلوثة الكذب والتزوير.
فإذا كان التاريخ يصف تيمور بجزار عصره فعلينا ألا نغفل ذكر بعض من مجازره الدموية.. فأولى مجازره كانت في خراسان عام 785 فبعد سقوطها في يده رُفِعت الراية السوداء ورفعها يعني أنه لا يجب أن يبقى أحد على قيد الحياة وما بين عشية وضحاها تم قتل ما يقارب من مئة ألف من سكانها ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أمر بقطع رؤوس الضحايا وتشييد برج من رؤوسهم.. مجزرة لم يسبق للتاريخ أن رأى مثلها في حقب سابقة.
تاريخ بعيد وبعيد.. لكنه في ذات الوقت قريب وقريب.. دار الزمن دورته ليعيد التاريخ نفسه وتقع الشام في فخ الطاغية بشار الأسد ويتفوق على سلفه السفاح المغولي تيمور الذي أحرق مدينة حلب واستباح بقية مدن الشام ونكل بأهلها شر التنكيل وارتكب فيها كماً من المجازر الدموية أضيفت إلى صفحاته السوداء الملطخة بدماء بشرية.. وليس غريباً أن نرى أوجه الشبه بين الطاغيتين فكليهما نشأ في أسرة دموية تستمتع بارتواء الدماء.. ولعل التشابه يكون في الخواتيم بإذن الله.. فهلاك تيمور كان من شدة الصقيع داخل جسمه ما جعله يتقيأ دماً من فمه يطلب المساعدة ممن يحيطون به لكن هيهات أن ينقذه أحد من مصيره.