عماد المديفر
»بصمات إيران واضحة على جميع أزمات الشرق الأوسط، وعلى جميع التنظيمات والجماعات الإرهابية في المنطقة» هكذا ذكرت نيكي هيلين سفيرة الولايات المتحدة الأمريكة لدى الأمم المتحدة في مؤتمرها الصحفي الأخير في إحدى القواعد العسكرية في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، وهي تكشف أمام وسائل الإعلام العالمية مجموعة من الأدلة الملموسة التي تثبت تورط نظام ولاية الفقيه في طهران في العديد من الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والمهددة للأمن والسلم الدوليين، بما في ذلك دعم إيران وشراكتها لميليشيات الحوثيين الإرهابية في استهدافها لليمن ولجواره العربي وخرق القرارات الدولية ذات الصِّلة.. وكانت هيلين تشير خلفها لأحد هذه الأدلة الملموسة، والمتمثل في بقايا صاروخ باليستي، أظهرت تحقيقات الخبراء أنه إيراني الصنع، تم إطلاقه من داخل الأراضي اليمنية باتجاه مطار الملك خالد الدولي (المدني) في الرياض الشهر الماضي. وضمن ذات السياق، كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد نشرت في وقت سابق من هذا العام ما لا يقل عن نصف مليون وثيقة وجدت في وكر الإخواني الهالك أسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة الارهابي، كشفت بالدليل القاطع العلاقات الوثيقة التي تربط القاعدة بنظام الملالي في طهران، والدعم اللوجستي والمخابراتي والعسكري الذي تتلقاه القاعدة من إيران ومن حزب الله، كانت قد تسترت عليها لوقت طويل فيما مضى إدار الرئيس الديمقراطي اليساري السابق باراك حسين أوباما، تماماً كما غضت الطرف عن شبكة حزب الله الدولية لتهريب المخدرات والاتجار بها وبالسلاح وغسل الأموال، كانت إدارات مكافحة المخدرات في عدد من الولايات الأمريكية -بحسب تحقيق معمق نشرته قبل أيام مجلة بوليتيكو وتناقلته وسائل الإعلام على نطاق واسع- قد شكلت لجنة متخصصة لمتابعة هذه الشبكة، وكشفها، ومُطلقةً عملية سرية تحت اسم (كاسندرا) عملت على مدى ثمانية أعوام منذ العام 2008م، وحين جمعت الأدلة، والقرائن والمسوغات الكافية، و أرادت مباشرة أعمال القبض على المتهمين من أعضاء خلية حزب الله -الذين كان عدد منهم لايزال متواجداً داخل الأراضي الأمريكية- عرقلت إدارة أوباما ذلك، وأجهضت جهودها، حتى توقفت دون تحقيق الهدف من إنشائها، وقد استخدمت إدارة أوباما الاتفاق النووي سيئ الصيت مع طهران كحجة لتبرير ذلك!.
الأوضاع اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية مختلفة تماماً عما كانت عليه طيلة السنوات الثماني العجاف التي حكمت فيها إدارة أوباما البلاد.. تلك الإدارة التي أشار العديد من المحللين والمراقبين إلى أنها مدت أيادي الوصل مع تنظيمات إسلاموية راديكالية متطرفة كالإخوان المسلمين، والحوثيين، ونظام الملالي، وذلك بحجة «الإحتواء» و»الديمقراطية» و»كسب القلوب والعقول»!.
السفيرة الأمريكية الجمهورية ذات الأصول الهندية السيخية، كانت واضحة جدا وهي تختتم مؤتمرها الصحفي، فالهدف هو مواجهة الخطر، والقضاء عليه وتحييده، وليس التربيت على كتفه و»الأخذ بخاطره» كي لا تتم إثارته! بل مواجهته بحزم.. لذلك أشارت أن الخطوة القادمة تتمثل في العمل على تشكيل تحالف دولي لوضع حد لانتهاكات إيران الصارخة للقانون الدولي، والشرعية الدولية الممثلة بقرارات الأمم المتحدة، وإيقاف استمرارها في دعم الإرهاب وتوظيفه، وقطع دابر جهودها الخبيثة المزعزعة للأمن والاستقرار، والمهددة للسلم في المنطقة والعالم، بزعم تحقيق أهدافها التوسعية في تصدير الثورة، ونشر الفوضى، من خلال التنظيمات والمجاميع الإسلاموية المتطرفة التي أنشأتها أو دعمتها لهذا الغرض، لاعتقادها أنها تستطيع عبرها تحقيق طموحاتها السياسية المريضة.
ويبدو أن نظام عمائم الشر والإرهاب في إيران لم يستوعب بعد تغير الإدارة الأمريكية، إذ واصل عمله على ذات النسق، فأضحى كمن يحفر قبره بيده بشكل متسارع، جراء استمراره في سياساته الظلامية المبنية على الكراهية والعداء والإجرام تجاه الآخر، والقائمة على عقيدة خرافية تسعى لنشر القتل والفوضى والدمار، تمهيداً لخروج ما يطلقون عليه «المهدي المنتظر» من سردابه، على أمل أن يحقق نظام ولاية الفقيه أحلامه الشيطانية، و(غير السوية) في سفك دماء البشر، رغبة في تصدير «الثورة» و»الصحوة» وبسط النفوذ، وتوسيع رقعة سيطرة هذا النظام الكهنوتي تحت غطاء ادعاءات رفع راية الإسلام ونصرة المسلمين المستضعفين! تلك السياسات والتحركات الإيرانية الساذجة والمتهورة، تزيد أخطاؤها كلما ازدادت عليها الضغوط من خلال تقليم أظافرها المتمثّلة بالتنظيمات والجماعات الإرهابية الإسلاموية كالقاعدة وأنصار الله وداعش وفاحش وحزب الله وحماس وغيرها.. الأمر الذي ساهم في تكشف حقيقتها أكثر فأكثر عند الرأي العام الدولي.. إذ لم تعد جرائم نظام عمائم الشر والإرهاب في إيران، ودعمه للتنظيمات والمجاميع والميليشيات الإرهابية والتخريبية، وتورطه المباشر في زعزعة الاستقرار، وتهديد أمن وسلم المنطقة والعالم؛ ليخفى على أحد.. مهما حاولت آلته الدعائية، أو آلة شركائه والمتواطئين معه من حركاتٍ يسارية، أو دينية، متطرفة، حرف الحقائق الظاهرة البينة عن مسارها.. إذ الشمس لا تغطى بغربال.
النظام الرجعي الظلامي في طهران مافتئ يعربد بالمنطقة والعالم تحت غطاء من آلة دعائية إعلامية يسارية غربية رهيبة، وأخرى شعبية في المنطقة عبر التنظيم الدولي للإخوان للمسلمين وشركائه من عملاء الملالي، تسعى للتشكيك في الأدلة، وحرف الحقائق، وتزييف الأخبار.. حان الوقت لمواجهتها وتعريتها قبل غيرها.. ونشر مزيد من الحقائق والأدلة المجموعة، وإظهارها أمام الرأي العام الدولي والشعبي، بكل اللغات، والأدوات والوسائل، وكشف التخاذل والمتخاذلين، وتكوين رأي عام دولي تمهيداً لخلق تحالف دولي جامع لمواجهة أم الإرهاب. فالمعركة الحقيقية لم تبدأ بعد. وينبغي أن نتوقع مقاومة شديدة، وهجوماً دعائياً مضاداً، ترتفع وتيرته، كلما تم تضييق الخناق أكثر على نظام الملالي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وهو ما بدأت بوادره بالفعل منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم.
إلى اللقاء،،،