أ. د.عبد العزيز بن محمد الفيصل

شعب الملك سلمان يهنئه بالبيعة والتفاف أبناء شعبه حول الراية التي يرفعها سلمان دلالة الرضا بالقيادة الحكيمة التي نأت بالبلد (المملكة العربية السعودية) عما وقع فيه الآخرون في البلدان المجاورة التي لم تستطع الاعتماد على نفسها فاستعانت بالآخرين فأصبحت ضحية لهم:

ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده

تصيده الضرغام فيما تصيدا

لقد رُفعت الأيدي وبُحت الحناجر وهُزت الرؤوس لبيعة ملك الثبات في سنة ست وثلاثين وأربعمائة وألف للهجرة، ثم أيدت البيعة في السنة التالية لها، وهانحن اليوم نبايع الملك سلمان كما بايعناه بالأمس، ونهنئه بمرور ثلاث سنوات على البيعة كلها عمل جاد وتخطيط للمستقبل.

إن شعبك أيها الملك المبجل يقدر لك أعمالك الجليلة، فالمظلوم يأخذ حقه وطالب العلم يؤم منهله، والمريض يتداوى في مصحته، وسالك الطريق في الصحراء آمن على نفسه وأسرته، فالأمن وارف والمعيشة متاحة والمريض معالج، وحاجة المواطن أمام بصره في المدينة والقرية والصحراء.

لقد وفرت الدولة ما يحتاج له المواطن، فالموانئ تعج بالحركة والمطارات مفتوحة والطرق سالكة والتاجر مراقب، إن المواطن يجد حاجته من طعام وشراب متى احتاج إلى ذلك، لكنه لم يفكر في تلك الحاجة كيف جلبت ويُسرت له وأوصلت إلى هذا المكان الذي اشتراها منه، ومن أمثلة ذلك الماء يصل إلى بيت المواطن وهو غافل عمّن أوصله، فإذا انقطع الماء يوماً أو يومين ضج وعرف قدر ولاة الأمر الذين يوفرون له الماء بيسر وسهولة، ومثل الماء الخبز، يقصد المواطن ما اعتاد عليه من جلب الخبز من سوق أو مخبز فإذا لم يجد الخبز أخذ يسأل عن السبب وهو لم يعلم أن خلف ذلك من يهيئ له الخبز في مراحل عدة حتى يصل إليه.

إن ملكنا المحبوب يراقب معيشة المواطن وأمنه وتعليم أبنائه وسكنه وصحته، فالمواطن حاضر في ذهن سلمان سواء سكن مدينة مثل مكة والمدينة والرياض والدمام أو سكن قرية مثل ذي صُلب وعين قحطان والدار الحمراء، والقليبة والعمران، ثم إن الملك سلمان لديه معرفة بأسر المملكة وفروع القبائل، يتفقد الأسر والقبائل ويسأل عن المريض ويعزي أسرة الميت، فنحن بين الحين والآخر نقف على تعزية للملك في فقيد لا يعرفه كثير من الناس لأنه يعيش في هجرة أو قرية نائية، وذاك دليل على اهتمام الملك بأبناء شعبه، لا يفرق بين غني أو فقير أو ساكن مدينة أو قرية، ونسمع منه حفظه الله عندما يتفقد فئة من أبناء شعبه إما في تخرج من جامعة أو منح جائزة، نسمع منه سؤال الخريج أو صاحب الجائزة من أي فرع من القبيلة أو من أي بلدة، ثم يتبع السؤال بسؤال آخر ينبئ عن معرفة تامة بالأنساب والبلدان، هذه الشفافية في السؤال دليل على اهتمام الملك بأبناء شعبه، وبالبلدان صغرت أو كبرت، إن هذا الاهتمام يتبعه محاسبة المسؤول عن توفير الماء والكهرباء والتعليم والصحة والمسكن، وقد يوجه الملك سؤالاً للمسؤول عن قرية لا يعرفها المسؤول مع أن خدمتها مرتبطة به، وهنا يقع الحرج على المسؤول، إن هذه المعرفة الدقيقة بحاجات الناس رفعت منزلة الملك في نفوس أبناء المملكة، فالملك سلمان حل في قلوبهم، فالعلاقة بين الملك وشعبه علاقة محبة ينتج عنها تقدير واحترام، فالناس اليوم في ذكرى البيعة يلهجون بالدعاء للملك الحازم الثابت في توجهاته التي تخدم شعبه وتلبي حاجة الصغير والكبير، إنه ملك الحزم محترم بين أبناء شعبه، مُقدّر لدى ملوك ورؤساء العالم، تُسمع كلمته ويقل معارضه، فالهيبة تصحبه والتوفيق معه دائماً في إقامته أو جولاته في دول العالم.

إن الملك سلمان قد شرفه الله بحماية مقدسات الإسلام في مكة والمدينة، فالكعبة المشرفة يتجه إليها المسلمون في صلاتهم فحمايتها وخدمتها مقدمة على غيرها، بالإضافة إلى حماية المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفات، لقد أثلج صدورنا نجاح حج العام المنصرم، وذلك النجاح لم يحصل عرضاً وإنما تم بمقدمات سبقت الحج، من التخطيط لوفرة الماء والطعام وتيسير الطرق، بالإضافة إلى مراقبة المجرمين والمخربين كفانا الله شرهم، وحماية المدينة المنورة مرتبطة بحماية مكة فالمدينة المنورة فيها قبر نبي هذه الأمة وقبر أبي بكر وقبر عمر، وفيها البقيع المحتوي على قبور الصحابة والتابعين، وفي المدينة شهداء أحد، وبها قباء حيث حل نبينا حال قدومه المدينة، فهذه الأماكن في قلب سلمان وحمايتها من أولوياته، إن ملكاً يحمي هذه المقدسات ويخدمها بما تستحقه جدير بالاحترام والتقدير من قِبل المسلمين كافة، إننا نهنئ الملك سلمان كلما مر عام بهذا الشرف العظيم الذي ينفرد به من بين ملوك ورؤساء دول العالم.

لقد استنكر الملك سلمان نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لأن حماية بيت المقدس مرتبطة بحماية مكة والمدينة فالقدس حاضرة في قلوب ملوك آل سعود، الملك عبدالعزيز والملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله والملك سلمان، فملوك آل سعود يبذلون ما في وسعهم لحماية بيت المقدس، والأدلة على ذلك تشهد لها المحافل الدولية ودفع المستحقات للقدس وفلسطين عامة، فالمملكة لم تتأخر عن سداد ما عليها لفلسطين في أي ظرف، ولم تمر سنة إلا والمملكة مع الحق الفلسطيني وحماية القدس سواء كان ذلك بالمال أو بالجاه تجاه رؤساء العالم المؤثرين.

إن الملك سلمان مع الحق العربي، فمنذ اندفع الصراع في سوريا والمملكة تسعى جاهدة لوقف القتال، فقد اتخذت المعارضة السورية الرياض مقراً لاجتماعاتها، وقد أخفقت المعارضة في توحيد كلمتها في اجتماعات سابقة، ولكن الملك سلمان بدرايته وحنكته وجهها إلى توحيد الكلمة فاجتمعت المعارضة السورية وتوحدت مما أحرج وفد بشار، فأصبحت الكرة في مرمى وفد بشار مما دفع وفده إلى المماطلة تارة والتأخير تارة أخرى.

وحنكة سلمان قربت المملكة إلى العراق، وقربت العراق إلى المملكة، فابتعدت الشحناء وحلت محلها لغة الوفاق والأخوة والمصلحة المشتركة، فبدأت الوفود تفتح الآفاق المغلقة مما بدد الشكوك فبدأت المصالح التجارية بين البلدين تأخذ طريقها وفتحت المنافذ البرية، وهبطت الطائرات السعودية في مطارات العراق.

ومد يد العون إلى الجار صفة ثابتة في ملوك آل سعود، والملك سلمان ابن الجزيرة العربية ولد فيها وشرب من مائها فهو يحس بآلامها ولذلك سارع إلى نصرة اليمن، فأسند الدولة الشرعية بما تحتاج إليه، فبادر الطيران إلى ملاحقة المنشقين، ودعم اليمن بالمساعدات الصحية والغذائية، فانتظمت القوافل حاملة الغذاء والدواء، وهدفها المحتاج من مريض وصاحب حاجة سواء كان من ضمن مواطني الدولة الشرعية أو ممن لا يزال تحت وطأة المنشقين.

وبما أن التكاتف العربي دعامة لأمن العرب فقد عزم الملك سلمان على أن تكون المملكة العربية السعودية ومصر هما محور القوة ضد الإرهاب، وضد تهديد البلاد العربية فزاد الترابط والتعاون بين البلدين في جميع المجالات.

وإذا كان الاقتصاد هو دعامة القوة لتوفير العيش للمواطن ولمساندة إخواننا العرب فقد سعت المملكة إلى ثبات اقتصادها عن طريق تنويع مسارات الاقتصاد، ففتحت مسارات اقتصادية تسند النفط، مع أنها جادة في السعي لتثبيت أسعار النفط، ومن تلك المسارات السياحة التي ظهرت جدواها في دعم الاقتصاد السعودي، ومنها زيادة التقارب مع دولة الإمارات في المجالات الاقتصادية، ومنها الحرب على الفساد، فقد استردت الدولة أموالاً طائلة، ثم إن هذه الحرب على الفساد ستوفر الأموال في المستقبل، فأموال المشروعات ستذهب إلى المشروعات نفسها، فالمسؤول الذي في نيته السرقة من أموال الدولة سيفكر عشرات المرات قبل أن يقدم على أخذ المال بغير حق.

حمى الله بلادنا من كل سوء، فهي تحت قائد ملهم، حباه الله النظرة الثاقبة والفكر الصائب، فالكل يدعو له بالتوفيق في جميع أموره، اللهم سدده إلى ما يرضيك وامنحه الصحة والعافية، فبالصحة يستطيع مواصلة جهده في خدمة الأماكن المقدسة وفي توفير العيش الرغيد لشعبه الوفي الذي يسير خلفه في جميع أموره.