تتمتع بلادنا المملكة العربية السعودية بمكانة عالمية مرموقة، وتعد ركنا مهما في السياسات والعلاقات الدولية لاعتبارات عدة من بينها ريادتها العربية والإسلامية واستقرارها وقوتها الاقتصادية وسياساتها المتزنة وغير ذلك من الأمور التي تحمل صفة الثبات في منهجية الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حتى هذا العهد المزدهر الذي نعيش فيه الآن، غير أن المملكة اليوم فضلاً عن ذلك أصبحت محط إعجاب العالم وإشادته واهتمامه بعد أن أعطى قائدها الفذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - إشارة الضوء الأخضر لانطلاق مرحلة جديدة من التحديث النوعي الذي ينسجم مع طبيعة العصر وسرعته ومتغيراته ويحقق مستوى متقدماً في مضمار التنافسية الحضارية مع دول العالم.
والملك سلمان - أيده الله - الذي نحتفي اليوم بالسنة الثالثة لحكمه الميمون وبحكم ما يتمتع به من بعد نظر وخبرة عميقة في القيادة وإدارة الأزمات يعد هو فارس هذه المرحلة التاريخية التي يشهد فيها العالم تحولات وتقلبات واضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية تستدعي التعامل معها بكفاءة واقتدار، وهو ما تجلى في سياسته الرشيدة ومنهجيته الحكيمة، حيث واجه كل موقف بما يقتضي من حزم وكل خطوة بما تحتاج من عزم لتمضي قافلة الوطن نحو أهدافها الأمنية والإنمائية بثقة وثبات، وهو ما أكد عليه - حفظه الله ورعاه - في كلمته الشاملة والضافية التي ألقاها الأسبوع الماضي في افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة السابعة لمجلس الشورى وما حملته من مضامين عظيمة لمنهج الدولة وسياستها على الصعيدين الداخلي والخارجي، وبرامجها المعدة لإحداث التغييرات التنموية التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وتبشر بالمزيد من النمو والازدهار والاستقرار بعون الله.
لقد أثبت الملك سلمان - يحفظه الله - أن المملكة قوة ضاربة لردع كل من تسول له نفسه المساس بأمنها ووحدتها وكيانها أو التعدي على المقدسات والمصالح العربية والإسلامية في إطار الدور المؤثر الذي تلعبه في السياسات الإقليمية والدولية، كما أثبت من جهة أخرى أنها دولة عصرية كبرى بخططها ورؤيتها التنموية ومشاريعها العملاقة التي تحاكي المستقبل وتستشرف طبيعته ومتطلباته، وهي في كلا الحالين وفي ضرب من ضروب الدبلوماسية الناجحة والتعامل الدولي الرفيع قد احتاطت لمواقفها وإجراءاتها بالتشريعات والمعاهدات والمواثيق القانونية وأحاطت نفسها بالتحالفات النزيهة على كافة الأصعدة العربية والإسلامية والدولية التي تتضامن معها وتدعم إجراءاتها وتؤكد صحة أهدافها وسلامة مقاصدها.
وحيث إن طبيعة المرحلة وحجم الأعباء والمسؤوليات والتحديات تتطلب الفكر والحيوية والنشاط فقد عهد الملك سلمان - أيده الله - إلى ولي عهده الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بإدارة دفة التحول الوطني والرؤية التنموية 2030 وما تحمله في طياتها من مشروعات عملاقة ترسم ملامح المستقبل الحلم للأجيال الواعدة وتحقق الاستقطاب الاستثماري والسياحي والترفيهي محلياً وإقليمياً وعالمياً لزيادة الدخل الوطني وتنويع مصادر الإنتاج وتوفير الوظائف وتوطين الصناعات والحد من الإنفاق في الخارج، ولعلنا نشير هنا كمثال إلى مشروع نيوم العملاق الذي يرمز بصفة عامة إلى مستقبل الحضارة الإنسانية من حيث قطاعاته الاستثمارية المتنوعة في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات الحيوية والرقمية والتصنيع المتطور والتنقل المبتكر والإنتاج الإعلامي والترفيهي والأسلوب المعيشي المتطور، وكذلك مشروع البحر الأحمر أو المنطقة الذكية الذي يرمي إلى إحداث نقلة نوعية في مفهوم السياحة وقطاع الضيافة عبر استثمار واحد من أجمل المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، ومثله كذلك مشروع القدية الذي سيكون من بين أكبر المدن الثقافية والرياضية والترفيهية على المستوى الدولي، ومشروع تطوير الفيصلية الذي يعد نقلة تنموية هامة في سبيل تنويع الاقتصاد وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص من أجل تطوير المشاريع الريادية لتحقيق الرؤية المستقبلية الطموحة لهذا الوطن العزيز، وغير ذلك من المشروعات الأخرى التي تعزز الدورة الاقتصادية وتسهل التبادل التجاري كالمناطق التجارية الحرة بالمناطق الساحلية وإنشاء وتطوير المطارات والسكك الحديدية والموانئ والمدن الاقتصادية والصناعية هذا مع ما يصاحب ذلك من تهيئات أكاديمية ومهنية وقوانين تنظيمية وشراكات عالمية وتعزيز قيم الجودة والإبداع والإتقان.
ولا شك أن هذه العطاءات الراقية والإنجازات الكبيرة تدعونا كمواطنين إلى استشعار دورنا نحو مؤازرة جهود الدولة وبذل كل ما نستطيع من طاقة لتحقيق التفوق العلمي والإبداع العملي الذي يلبي متطلبات هذا التحول الحضاري ويحقق أهداف الرؤية الوطنية وينقلنا إلى رحاب المستقبل المشرق بإذن الله.
بقي أن أقول إن وطناً بهذه القوة والثبات وبهذه العطاءات الحضارية المتدفقة والرؤية الاستراتيجية الواعدة والإنجازات العملاقة لجدير بكل الحب والوفاء والإخلاص، فالشكر لله على ما أولانا من نعم ثم الشكر لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - يحفظهما الله - على سهرهما ودأبهما لنكون دائماً في ركب التقدم.
ودام عزك يا وطن.
** **
د.علي بن عبدالرحمن العنقري - وكيل وزارة الحرس الوطني