يجدد شعب المملكة اليوم الخميس البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله في الذكرى الثالثة لتوليه ـ أيده الله ـ سدة الحكم بالبلاد، حيث تمت مبايعة خادم الحرمين الشريفين ملكاً للمملكة العربية السعودية، في 3 ربيع الثاني 1436 هـ الموافق 23 يناير 2015م، كما يجددون البيعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع حفظه الله.
وتعد مراسم البيعة والانتقال السلس للسلطة شاهدا من شواهد تميز الحكم بالمملكة العربية السعودية، ويشكل نظام البيعة واحداً من أهم الأنظمة بالمملكة ذات العلاقة بانتقال السلطة، وقد تحدث المراقبون باهتمام عن هذا النظام، إذ جاءت مراحل انتقال الحكم وولاية العهد في الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة سلسة وانسيابية وواضحة ومجمع عليها من أفراد الأسرة الحاكمة والشعب بجميع أطيافه.
وانتهجت المملكة بقيادتها الرشيدة ما شرعه الإسلام الحنيف من البيعة، فعمدت إلى تأسيس هيئة البيعة ليلة السابع والعشرين من رمضان 1427هـ، بأمر ملكي، لتصبح ضمن الأنظمة الأساسية للحكم الهادفة لتأمين مستقبل الاستقرار للأجيال القادمة، وكما كان لنظام البيعة من ترحيب من المواطنين، تبعته أصداء إيجابية في أنحاء العالم العربي والإسلامي؛ ذلك لأن أمن واستقرار المملكة العربية السعودية ورفاهية شعبها ينعكس على عالمها العربي وأمتها الإسلامية بالخير والدعم والرخاء، وطبقت هيئة البيعة سياسة الملك الموحد جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل، حيث إن مؤسسات الدولة الحديثة يتم إنشاؤها طبقاً لمتطلبات كل مرحلة من المراحل، وهذا يشير بالضرورة إلى أن الدولة ماضية بكل عزم وإصرار نحو استكمال مسيرة التنمية والعطاء.
قرارات حكيمة
لقد عاصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان المملكة منذ أن أسسها المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وتعلم من والده وأخوته الملوك إتقان العمل الإداري وهو على دراية كاملة بأدق التفاصيل بالدولة، والشعب السعودي ينعم ـ ولله الحمد ـ بقيادة حكيمة سارت على نهج الملك المؤسس الملك فكان ملوك هذه البلاد على مر السنين أوفياء لوطنهم وشعبهم وكرسوا جهودهم لخدمة الدين والوطن وعملوا على إسعاد المواطنين وتوفير سبل الراحة والعيش الرغيد لهم، واتجهت عين الملك سلمان نحو مكة المكرمة قبلة المسلمين والعاصمة الدينية وافتتح عدداً من المشروعات شملت مشروع المبنى الرئيس للتوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام ومشروع خادم الحرمين الشريفين لاستكمال الطريق الدائري الأول، وفي المدينة المنورة افتتح مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الجديد.
ولأن موضوع توفير السكن المناسب للمواطن هو من أولوياته حفظه الله فقد صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على نظام رسوم الأراضي البيضاء الأمر الذي يسهم في تقليل تكلفة الحصول على المسكن الملائم وبخاصة لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة.
وان كانت المملكة تعيش اليوم عصر الحزم فإنها أيضاً تعيش عصر الريادة في كافة المجالات التنموية، إذ ان الاستثمار في الإنسان السعودي رافقه استثمارات ضخمة في الإنفاق على البنية التحتية وتهيئتها لتكون قاعدة انطلاق تنموي شامل.
وفي خطوة عكست نظرة بعيدة المدى لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الذي أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه رجل المرحلة؛ فبعد أقل من أسبوع على توليه الحكم أصدر ـ ايده الله ـ عشرات القرارات الملكية الهامة مثلت نقطة تحول تاريخية تبشر بفجر جديد وخطوات نوعية حكيمة من القيادة الرشيدة قوبلت بالاستبشار والقبول من الشعب السعودي الكريم، وجاءت ملبية لاحتياجات المملكة، ومنسجمة مع طبيعة التطور والتغير في الظروف الداخلية والخارجية، عكست رؤية ثاقبة وركزت على ضخ دماء جديدة وشابة في الوزارات والمناصب القيادية ذات فكر جديد تحتاجه المرحلة الحالية، في دلالة على عمق تفكير وثاقب بصر لدى متخذ القرار تجسد في استقراء حقيقي لواقعنا اليوم وما يمكن أن يكون من تطور مستقبلا، ضمن المتغيرات التي تعيشها المنطقة، وجاء تشكيل الحكومة من الكفاءات الشابة المستنيرة من أصحاب الخبرة العملية التنفيذية، ليترجم السعي نحو القضاء على البيروقراطية التي تعيق الكثير من الإنجازات، ويؤكد العزم على تطوير الأداء الحكومي، وعكس إلغاء بعض المجالس العليا والهيئات ذات الاختصاصات المتداخلة والصلاحيات غير الواضحة انتباه القيادة إلى أهمية إلغائها وحصرها بمجلسين فقط بعضوية أعضاء مجلس الوزراء بما يجعل من آلية اتخاذ القرار أكثر سهولة وسرعة وتركيزا وقربا لولي الأمر، لان القرارات والأنظمة والسياسات كانت تسير بوتيرة بطيئة لطول الدورة التي يمر بها القرار.
خادم الحرمين وقضايا الأمة
نصرة لليمن وشعبه الشقيق واستجابة لدعوة الحكومة الشرعية بالبلد الجار العربي المسلم وبرؤية حكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز انطلقت فجر الخامس من شهر جمادى الثانية عام 1436هـ، الموافق السادس والعشرين من شهر مارس 2015م، عملية عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ومشاركة عدد من الدول الشقيقة، بعد أن قامت الميليشيات الحوثية بنقض العهود والاتفاقيات والانقلاب على الحكومة الشرعية، فلم تكن العاصفة سوى نصرة للحق والعدل ورفع الظلم والطغيان عن شعب عربي مسلم شقيق وبطلب من حكومته الشرعية، كما أعلن الملك سلمان حفظه الله (في تلك الأثناء) عن تخصيص أكثر من مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، كما وجه باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاع أبناء الجمهورية اليمنية المقيمين في المملكة بطريقة غير نظامية، وتبع ذلك العديد من وسائل ومبالغ الدعم لليمن الشقيق وحكومته الشرعية، وما قام به ملك الحزم والعزم حفظه الله من إقدام وشجاعة منقطعة النظير في الذود عن البلاد الغالية والأمتين العربية والإسلامية يُعد امتداداً وجزءًا لا يتجزأ من إقدام وشجاعة والده الملك عبدالعزيز فما أنجزه وحققه الملك المؤسس، رحمه الله، لدينه ووطنه وأمته العربية والإسلامية؛ يضاهي أعلى مستويات الإنجاز التي من الممكن تحقيقها في وقته على المستويين المحلي والدولي.
إلى جانب ذلك الإعلان عن تكوين تحالف يضم أربعين دولة إسلامية بقيادة المملكة لمحاربة الإرهاب، والإعلان عن تأسيس مركز عمليات مشتركة يكون مقره الرياض لتنسيق ودعم مكافحة الإرهاب وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود بعد النجاح الكبير الذي حققه رجال الأمن في بلادنا الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن.
وعلى صعيد السياسة الخارجية للمملكة لا تزال القضية الفلسطينية تحتل محوراً مهماً في سياسة المملكة ولطالما أكدت المملكة على وجوب احترام قرارات الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية والتصدي للممارسات الإسرائيلية التي تقف في وجه جهود السلام، ولم تقف جهود المملكة عن نصرة قضايا الأمة، بل تواصلت الجهود تلو الجهود في سبيل إخراج الشعب السوري من أزمته جراء العمليات العسكرية التي يشنها النظام السوري على هذا الشعب الشقيق، واحتضنت المملكة من أجل ذلك اجتماع المعارضة السورية المعتدلة لإيجاد حل للأزمة وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفي إطار التعاون العربي مع دول العالم احتضنت الرياض القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وقد نجحت القمة بقيادة خادم الحرمين الحكيمة في الخروج بـ(إعلان الرياض) وهو إعلان غير مسبوق في شموليته، وشهدت علاقات المملكة مع عدد من دول العالم تطوراً ونماء من خلال الزيارات المتبادلة وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، حيث زار المملكة منذ توليه مقاليد الحكم أكبر عدد في تاريخ المملكة من زعماء الدول الشقيقة والصديقة.