الزمن حافظة الإنجازات والمواقف يبقيها بين جنباته أمانات تستعيدها الشعوب لتصوب بها الذاكرة إذا أصابها الهوان، ومرايا للحقيقة كي لا تضل طريقها في غمرة البحث عن الوعي بأحوال الأمم أو التنبؤ بمصائرها، في زمن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يفيض الإنجاز عن الحافظة ليجد الراصد نفسه في حالة من التشبع غير قادر على تاريخ تفاصيل أسفار من عطاء لا يتوقف، ننتقي من الأعوام الثلاثة الماضية التي أعقبت تسلمه زمام الأمور في مملكة الخير ثلاث إضاءات تنطوي على ما يكفي لتحديد الأفق الذي تتجه إليه المسارات، والوقوف على مناخات الثقة المحيطة بإدارة الدفة والكافية للانتقال الهادئ من مرحلة إلى أخرى، تكمن الأولى في أخذ المملكة على عاتقها سد الفراغ الذي أحدثته انهيارات متلاحقة في المنطقة ومحاولة الحد من حالة التراجع والارتهان الإقليمي التي تؤرق الغيورين على الأمتين العربية والإسلامية، والبناء على عوامل القوة وأسباب المنعة وصولا إلى التأثير الإيجابي في مستقبل العرب والمسلمين.
ثاني هذه الاضاءات خطوات العصرنة المتلاحقة التي تمثل بعضها بإنهاء حرمان نصف المجتمع من قيادة السيارات، وكان لذلك الأثر الطيب بين السعوديين والتقدير في مختلف العواصم العالمية ولدى الرأي العام العالمي، يتقدم على هذه وتلك تفكير خادم الحرمين الدائم بالانتصار لكتاب الله وسنة رسوله وهو يواجه مهماته الحمائية والتحديثية، الأمر الذي تعددت أشكال ترجمته خلال الأعوام الماضية ومن بينها إنشاء مجمع الملك سلمان للحديث الشريف في المدينة المنورة يكشف ثبات هذا النهج عن صلابة وقدرة أصحابه الذين تتجلى في أدائهم الثوابت التي حددها المغفور له - بإذن الله - عبد العزيز آل سعود والمرونة التي تتطلبها ضرورات بقاء العرب والمسلمين في دائرة الضوء، لا يكتمل الحديث عن المحارب دون إشارات لمواقفه وحروبه مما يقتضي الالتفات لبعض سيرة وحضور الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله عمره وأعانه على مواجهة المنعطفات المتلاحقة التي تمر بها المنطقة، بين طيات هذه المواقف تطوع خادم الحرمين للدفاع عن مصر خلال العدوان الثلاثي ليكون جنديا في الدفاع عن ارض الكنانة، والرسالة الكريمة التي وجهها في وقت مبكر للحفاظ على المسجد الأقصى وكانت في وقتها مبادرة واستشرافاً للمخاطر المحيطة بالمقدسات الإسلامية، مع خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ورعاه - يتجاوز التاريخ دور الحافظة والمرآة إلى ما هو ابعد من ذلك، فهو نهر لا يتوقف عن الجريان ويم يجود بما فيه من الطيبات ليسد حاجة الباحثين عن المضيء من المواقف.