د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
(1)
* « إنما قتله مَن أخرجه «
** عبارة تأريخية لم يُنسِها أربعة عشر عقدًا خلت مذ قالها معسكر الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان ملْقين بمسؤولية استشهاد الصحابي الجليل عمار بن ياسر على معسكر الخليفة الراشد علي بن أبي طالب حين اتهمهم بذلك تواريًا عن معنى الأثر الشريف: «ويحَ عمارٍ تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار» (رضي الله عن الثلاثة وعن جميع الصحابة) فباتت تأويلًا لكل من أراد تبرير أمرٍ لا يود أن يُقرَّ به بالرغم من اتجاه الأصابع نحوه بالفعل أو بالتفاعل.
** كذا نتقاذف إشكالاتنا وإحباطاتنا ونبحث في خوارجنا دون أن نتوقف عند دواخلنا المملوءة تِيهًا كما متاهات، وربما انصرفنا عن العوامل الحقيقية المؤثرة في حيواتنا لأن العُجب بالذات كما فقدان الاتجاه أوصلانا إلى نقطة عدم التوازن فندور حول الحمى ولا نقع فيه.
** لم يخلُ التأريخُ ممن سعوا إلى الهروب من محاكمة رموزهم بافتراض مبرراتٍ بزوايا متعددة الدرجات، كما لم ينجُ الواقع من مثلها باستدعاء التبرير وتوظيف التبريريين، وأصبحنا منزهين عن الأخطاء وعصيين على الخطايا، وحين تتبدل المحاور ينقلب المشهد فإذا الشخصُ غيرُ الشخص والنصُّ ليس كسابقه.
** قتل عمارًا من قتله فعلًا لا مجازًا، ويقتل سواه من يلتفُّ على صنائعه بدعاوى يختلقها وتتساوق مع ما يصدق به فئامٌ ويصفق له مثلهم، وغزت ألمانيا» النازية «في عهد هتلر بعدما مارست الكذب بادعاء أن بولندا هاجمتها وقامت - لتأكيد ذلك - بإلباس مجموعة من المساجين البولنديين الزي العسكري لبلادهم وقتلهم قرب الحدود المشتركة وكان عددهم اثني عشر ولهم رفيق أبقوه حيًا ونقلوه إلى محطة إذاعية صغيرة وتلوا بيانًا يدعو لإكمال غزو ألمانيا وما تبع ذلك من إسناداتٍ وإسقاطات.
** أُطلق على العملية اسم «السلع المعلبة»، وقد استطاعت قلب الحقائق بعملين متوازيين؛ القمع والإعلام، وقد سجل «غوبلز» العلامة الفارقة في الكذب والتكاذب اقتفاءً لسيده «أدولف هتلر» الذي جعل «تشامبرلين» رئيس وزراء بريطانيا يعلن في صيف عام 1939 م بعد اجتماعهما في ميونيخ أن «السلام قد تحقق»، وفي أول «أيلول - سبتمبر» بدأت الحرب العالمية الثانية.
** لا ينأى عن المشهد القريبِ والبعيد، العربيِّ والغربيّ ما وقع فيه إعلام «أحمد سعيد ومحمد سعيد « وأفعال سيديهما وما تمارسه ميليشياتُ فارس تحت العناوين «الشعبوية» وهي شعوبية و»الدينية» وهي خارجة عليه، وتنتسب لاسم الله وجلَّ الله عنها.
** نعيش خلطًا ونعايش خبطًا، والجيل الناشئُ منشغل بما يزيده تخبطًا وتخليطًا؛ فالقضايا لا تعني أكثر من وسومٍ ورسوم، وقد ملَّ المجازات والمفازات وآثر أن يسترخي إن وجد متكآت.
** الصدقُ نصير الحق.