خالد بن حمد المالك
قال محمد بن سلمان في أكثر من مناسبة، وفي عدد من اللقاءات الإعلامية إن المملكة لن ترتهن للبترول، ولن يكون النفط مصدر حياتنا، وزاد على ذلك بما معناه أن من يربط مستقبل البلاد باستمرار ضخ البترول بالكميات والأسعار السابقة فهو على خطأ، فأمام المملكة خيارات أخرى كثيرة لزيادة إيراداتها، وتنويع مصادر دخلها من غير النفط. وربما كان هناك من شكك - عن سوء فهم وتقدير - في قول ولي العهد، واعتبرها تمنيات وأحلامًا ليس لها فرصة من النجاح.
**
الميزانية الجديدة بأرقامها الضخمة غير المتوقعة هي من يجيب عن عدد من التساؤلات التي كانت مثار جدل بين الناس، بما في ذلك موقف بعض المحبطين الذين أصابهم الرعب والخوف بمجرد انخفاض أسعار النفط إلى النصف، وتراجع حجم الإنتاج، واستمرار زيادة الاستهلاك المحلي منه، وحاجة البلاد إلى ضخ مبالغ كبيرة لاستكمال احتياجاتها ومتطلباتها في التعليم والصحة والخدمات البلدية وغيرها.
**
ومن المؤكد أن رؤية المملكة 2030 والبرامج المصاحبة لها التي تتوالى تركت أثراً في مرور عاصفة انخفاض أسعار النفط دون أن تترك أثراً سلبياً على الوضع الاقتصادي في البلاد، وذلك بفضل تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على البترول الذي خدرتنا أسعاره العالية على مدى سنوات مضت من أن نفكر بالبدائل الأخرى غير النفطية وهي كثيرة، لكن مع انخفاض الأسعار - وهذه من حسناته - واجهت المملكة في عهد الملك سلمان هذا التحدي بالقرارات والبرامج والرؤى التي جعلت من إيرادات الدولة المقدرة في الميزانية الجديدة هي الأعلى في التاريخ مقارنة بالميزانيات السابقة.
**
كلمة الملك سلمان وهو يرأس جلسة مجلس الوزراء لإقرار الميزانية حملت الكثير من البشائر، والمزيد من الثقة على أن بلادنا بخير، وأنها موعودة بما هو أفضل، كما أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أسمعنا خلال اجتماعه بنا نحن رجال الإعلام ليلة إعلان ميزانية 2018م من أن المملكة لن تقف عند حدود ما تم تحقيقه في هذه الميزانية حتى الآن، لأن هناك استثمارات ضخمة من خلال صندوق الاستثمارات العامة والصناديق الأخرى، وستكون هذه في المستقبل ضمن مجموعة مصادر أخرى لتنويع الإيرادات وزيادتها، وإلى جانب تشجيع الشركات والمصانع لتكون عامل دعم لتوجه الدولة نحو استقرار اقتصادها، وزيادة المشروعات الإنمائية في البلاد.
**
كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إثر الإعلان عن الميزانية، إن الإعلان عن أكبر برنامج للإنفاق الحكومي في تاريخ المملكة يعتبر دليلاً راسخاً على نجاح جهودنا في مجال تحسين إدارة المالية العامة، وإن ميزانية عام 2018م التوسعية تضمنت مجموعة شاملة من المبادرات التنموية الجديدة، بهدف تحقيق الاستقرار المالي الاقتصادي، يضيف الأمير بأن الحكومة تسعى لتحسين مستوى المعيشة لدى المواطنين، أي أننا في أجواء هذا القول من الأمير أمام فرصة تاريخية لتغيير السياسات المالية والاقتصادية التقليدية، وتحفيز القطاعات الاقتصادية، ثم الذهاب إلى خفض العجز في الميزانية بدءاً من العام القادم.
**
الإعلان عن أكبر في ميزانية في تاريخ المملكة، حيث بلغت 978 مليار ريال نصفها إيرادات غير نفطية، وهذا رقم كبير وضخم يدعو للتفاؤل على أن المملكة مقبلة على خطوات غير عادية، خاصة وهي تعيد هيكلة مؤسسات الدولة، ضمن برامج الإصلاح الاقتصادي، وتتخلص من التأثيرات السلبية السابقة في الموقف من الترفيه والمرأة وغيرها، مما حرمنا في الماضي من مصادر إيرادات كثيرة كانت تذهب إلى دول مجاورة، دون أن يكون هناك أي مبرر أو سبب ديني أو اجتماعي لذلك.
**
التفاصيل إذاً عن الميزانية الجديدة تحمل الكثير من الأحلام الجميلة التي تحدث عنها سمو ولي العهد من قبل، وها هي تحققت كإنجازات ملموسة على الأرض في جميع القطاعات التنموية، إنها ميزانية تحمل في بنودها وأبوابها الإصرار على مواصلة العمل نحو التنمية الشاملة والمتوازنة كما أشار إلى ذلك الملك سلمان في كلمته والأمير محمد في تصريحاته، ما يعني أن كل مواطن أصبح في موقع المطمئن غير الخائف على مستقبل بلادنا وأبنائنا وأحفادنا.