د. خيرية السقاف
العصافير تُحسن تجديد أعشاشها..
كلما تساقط الجاف منها, حملت بين مناقيرها منتقاة أُخر لعمارها..
العصافير وهي تجلبها, تتقن أين تضعها..
العصافير لا تفكر..
تتحرك بتلقائية كيانها, بطبيعتها المُشَاءة..
أليست أعشاشها تُهجَر كلما بَعُد بها المزار؟!
أو ترحَّلتْ بها المواسم, قسرها جفافٌ, أو عمَّها جدبٌ؟!..
العصافير تحلق حيث الرمق يُرْوى..
والثمرة طعاماً..
وحين تقسر الأبعاد, والمسافات صراع, تنزل للرواح, للبراح,
وتغادر من ثم..
خالية الأجنحة كخلو أعشاشها..
العصافير تدرك الحياة للروح فيها, تفرُّ لهلاك, ولا تؤوب إليه..
وحين يكون لا تعنى بأعشاشها الخالية منها..
ولا تحملها حيث ترحل فلا حاجة لها فيها..
ربما تموت الأشجار, وتسَّاقط الأعشاش, أو تتكسر..
الإنسان يشبهها في بعض, ويختلف في كثير.. كثير..
وهو على أية حال ليس الأمثل..
الإنسان يتعامل مع الحياة كأنه الفريد..
ومع عُشِّه كأنه التليد..
تأتيه المواسم..
تتاح له الفضاءات..
يتحول له اليباب مروجا, والفضاء مراكبَ..
تأتيه الأجنحة, تواليه الفرص..
ليس للعصافير عقله..
لكنه في شأن دنياه يعطِّله..
يأسن الماء فيقطِّره..
تعجف التمرة فيأكلها..
بالكاد يشمر عن ساقيه,
ليقفز حين جدولٍ عذبٍ يشق بكلفٍ يباب جموده!!..