د.عبدالعزيز الجار الله
أشرت في المقال السابق إلى أن السينما ضرورة ثقافية وترفيهية واجتماعية وتعليمية وضمن الحزمة الاقتصادية المحلية، والسينما أيضاً مطلب وخيار اجتماعي لا بد من وجوده في الحياة اليومية، وكان من الخطأ تعطيل السينما طوال الفترة الماضية حوالي (40) سنة.
لكن علينا الحذر من المبالغة في العائدات المالية الإيرادات غير النفطية التي سيتحصل عليها الاقتصاد السعودي من السماح بصالات السينما وقدرت بالمليارات، فالأمر ليس متعلّق فقط بالسماح أو المنع وربطها بالسفر الخارجي والخسائر المالية التي سيفقدها الاقتصاد السعودي بسبب السفر إلى دول الجوار بحثاً عن السينما، ولكن من مدى القيمة المالية الحقيقية التي ستوفرها الصالات، وكما اتفقنا أنه مطلب وأحد الخيارات الاجتماعية المطروحة، لكن لا بد من التنبه من التحولات التقنية والثقافية للهواتف الذكية وقنوات الفيديو والتطورات الجديدة في عالم الاتصالات قبل التوغل السريع والسباحة في التقديرات والإيرادات المالية والعوائد من تشغيل صالات السينما، وبالتالي المبالغة في رفع سقف التوقعات وعائدها التحصيلي السنوي.
ليست هي نظرة تشاؤمية لكن يمكن العودة إلى الدول المجاورة والدول الغربية والآسيوية التي تعرضت صالاتها إلى هزات قوية وخسائر، وهذا يتطلب الانتباه إلى اعتبارات كثيرة وإبرازها تصميم وبناء الصالات وفخامة المشروعات وعددها التي قد تتوزع على المناطق والمحافظات، فهناك متغيّرات تقنية سريعة وتغيّرات اجتماعية، والأرقام التي تطرح حالياً في وسائل الإعلام والعائدات والإيرادات من عروض السينما - وليس صناعتها - قد لا تكون أرقاماً حقيقية وواقعية، ربما تكون الأرقام تقديرية وهمية.
ليست السينما وحدها التي لا بد من التريث في عائدها والحكم بأن إيرادها عال، فجميع مشروعاتنا تحتاج إلى مراجعة لأن استنزافات الطفرة الثانية والتي توجهت إجمالاً لإنشاء المشروعات، قد لا تناسب أسعارها وقيمتها الحالية في ظل الانكماش الاقتصادي المحلي والدولي بسبب السوق العالمي وانخفاض أسعار النفط والظروف الدولية بما فيها الحرب على الإرهاب وتداعيات الربيع العربي والانهيارات التي تمر بها دول الربيع.