إبراهيم عبدالله العمار
سؤال: أريدك أن تُعرِّف لي هذه الكلمة: «لعبة».
فكّر قليلاً في تعريف مبدأي. هل هي أي شيء ممتع؟ هل هي أي شيء مخصص للأطفال؟ أي شيء يستخدم في الترويح عن النفس؟ ماذا تعني تلك الكلمة تحديداً؟
ستجد صعوبة في تعريفها، ولا تندهش من ذلك، فالكثير من الأشياء يصعب تعريفها، بل إن بعض المفكرين مثل لودفيغ فيكتنشتاين في كتاب «تحقيقات فلسفية» هاجم مبدأً أساسياً لدى الغربيين، وهو اعتقادهم أن كل شيء يمكن تعريفه بدقة، وذلك انطلاقاً من عقليتهم العلمية التي تحاول توضيح وتعريف وتقسيم كل شيء، فكَسَرَ هذا الاعتقاد لما بيّن أن هذا ضرب من المستحيل، وخذ المثال في صدر المقالة، فيمكن لشيء ما أن يكون لعبة حتى لو لم يكن ممتعاً مثل لعبة تصميمها سيئ وغير ممتعة تظل لعبة، وتظل لعبة ولو كانت يلعبها شخص واحد مثل سوليتير، وتظل لعبة ولو كان الهدف منها ليس الترفيه وإنما الربح، مثل شركة تصنع لعبة فيديو بهدف الربح. والشيء ليس بالضرورة لعبة لو كان ممتعاً، فالعمل مثلاً ليس لعبة لمن يستمتع بعمله، وليس لعبة لو كان شيئاً ممتعاً جماعياً كحوار جماعي عن موضوع شيّق.
وحتى لو أمكن ذلك فأنت إذا أردت أن تعرّف شيئاً ستحتاج عنصراً هاماً: الضد. هذا رأي العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسور والذي يقول إن الكلمات ليست متضمنة فحسب لمعانيها في حد ذاتها بل تتطلب ضداً تُعرَف به، وحتى مبدأ العدم أو اللاشيء لا معنى له إلا بشيء موجود، والعكس صحيح، وهذا له معنى شبيه في الإرث الإسلامي، فخذ مثلاً أسماء الله الحسنى، فلفظ الغفور والتواب من أسباب خلق البشر كما قال بعض العلماء، أي أن كون الله غفوراً تواباً قابَلَه خلق البشر الذين يذنبون ثم يتوبون فيغفر الله لهم.
الآن إذا طُلِب منك تعريف شيء.. توقف لحظة وفكّر!