فهد بن جليد
في الأيام القليلة الماضية تعرض المجتمع إلى بعض الإعلانات الخاطئة والمُسيئة له، نتيجة الاعتماد على صانع المحتوى الأجنبي، واحتكار شركات الإعلانات من قبل بعض الجنسيات العربية التي لا تسمح بتواجد الشباب السعودي فيها، بل تُحاربه من دخول هذا القطاع، وتُفشِل مُحاولة أي سعودي يريد الانضمام والعمل في سوق الإعلان, مُستفيدة من عدم ثقة المُعلنين وتخوفهم من خوض غمار تجارب وأفكار الكوادر الوطنية، وأنا هنا لا ألوم أصحاب الأعمال والمُعلنين فهم يريدون ضمان نجاح حملاتهم الإعلانية مقابل الأموال التي سيدفعونها في نهاية المطاف.
أتساءل هنا؟ لماذا لم تقم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية حتى الآن بمُحاولة لسعودة قطاع الإعلان، أو جزء منه على أقل تقدير - بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام والجهات ذات العلاقة - إذا ما اعتبرنا ذلك من الفنون والمواهب التي لا يجوز حكرها على جنسية مُحدَّدة، علماً أنَّ قطاع الإعلانات يُدِّر ذهباً وأرباحاً عالية جداً، وأتوقع أنَّ الشباب السعودي سيُفلح وينجح في صناعة المحتوى، وطرح الأفكار واستحلابها، لأنَّه الأجدر والأعرف بخصائص وطبائع وأفكار وعادات مُجتمعه من الموظف الأجنبي، ولعلي لا أذيع سراً إن أخبرتكم بأنَّ هناك شباباً سعوديين مُبدعين، يستعين بهم بعض الأجانب سراً في توالد الأفكار المحلية، وصناعة المحتوى أو جزء منه مُقابل مبالغ زهيدة وبسيطة، ثم يقوم هؤلاء الأجانب ببيع هذه الأفكار من خلال مؤسسات إعلانية لها سمعتها وحضورها، وارتباطها بعقود سنوية بمبالغ كبيرة جداً، والسبب أنَّ الشاب السعودي لن يجد من يُصغي له من العملاء ويثق في قدرته أو يمنحه الفُرصة للتجربة، أو يقتنع به أصلاً، لأن حلقة الإعلان مُغلقة بأيدي غير سعودية بدءاً من الشركات ووصولاً لوسائل النشر.
لنتجاوز مفهوم الاعتماد على مُمثلين سعوديين في الإعلان رغم فشل الكثير من الشركات في ذلك حتى الآن، باستمرارها في الاعتماد على أصحاب العيون الزرقاء والشعر الأشقر، فالشكل يوحي بأنَّه سعودي من خلال الثوب والشماغ، ولكن النكهة ليست كذلك من ناحية طريقة اللبس و اللهجة و التصرفات - لنتجاوز ذلك - ونَصِل إلى مفهوم أشمل وأعم وهو جعل (صناعة المحتوى) بأدوات محلية بالفعل، فالإعلان لمُنتج و لشركة سعودية، و سيتم نشره في وسيلة إعلان سعودية في الغالب, و المُستهلِك المُستهدف سعودي حتى في وسائل الإعلام العربية، فلماذا يصنع الإعلان شخص غير سعودي..
هذا لا يحدث عادة خارج دول منطقة الخليج العربي، بل مرفوض إطلاقاً أن يستحوذ الأجانب على أموال الإعلانات الطائلة في أي بلد، إنَّه أمر مُحيِّر بالفعل أن نتساهل في خسارة أموالنا بهذه الطريقة.
وعلى دروب الخير نلتقي.