«الجزيرة» - محمد المرزوقي
تبدأ أول فصول الحكاية، عندما سافر من بريدة إلى الكويت، وعمره اثنتا عشرة سنة، فعمل بالتجارة مع أخيه سليمان، ثم بالغوص حتى عام 1330هـ، ليعود بعد ذلك إلى بريدة ليتزوج ثم ليعود مرة أخرى لطلب الرزق مع أخيه مرة ثانية، وفي سنة 1340هـ ذهب إلى البصرة وعمل بمستشفى (مود) بالبصرة، حيث تعلم طريقة التعضيب ضد مرض الجدري، كما تعلم الكثير من العلاجات على يد أطباء إنجليز حتى أصبح ماهرا، حيث أخذ منها العلاج متوجها إلى نجد سنة 1345هـ، ليستمر في معالجة الأهالي متنقلا بين المدن والقرى والبادية، ليلتحق بعد ذلك كممرض بصفة رسمية تابع لموظفي الدولة في هذا المجال، وذلك عام 1369هـ، ليستمر في مجاله العملي أكثر من سبعين عاماً، إذ كان - رحمه الله – يتمتع بلياقة جسدية عالية، وبنية قوية، ثم أحيل بعد ذلك إلى التقاعد، ليوافيه الأجل في سنة 1410هـ وقد تجاوز عمره المئة عام.. هكذا نقف أما (مرآة) لأنموذج من نماذج العصامية، التي نلمح إشارات من مراحلها التي كان للطموح والمثابرة والحل والترحال، والعمق الاجتماعي والهم الوطني ابرز ملامح هذه الشخصية، التي دون جوانب منها عبدالله بن حمد اللهيب، في كتاب بعنوان :»رائد التحصين ومكافحة مرض الجدري بالمملكة العربية السعودية: الدكتور حمد بن محمد بن سليمان اللهيب.. دكتور بلا شهادة»، في خمس عشرة ومئة صفحة من القطع المتوسط.
يقول المؤلف في ثنايا وصفه لهذا الإصدار عن والده: الكتاب يستعرض ثلاث مراحل لحياة والدي، وقد استطعت في آخر حياته وهو في كامل قواه أن أجلس معه واتحدث عن مراحل حياته التي كانت تنقسم إلى ثلاث مراحل، فكنت أجلس إلى جانبه في الوقت الذي يكون فيه مستعداً لاستعادة ذكرياته التي في الحقيقة كانت مثيرة ومعجزة من معجزات ذلك العصر، قائلا: للأسف الشديد لم نتحصل إلا على القليل الذي سينال رضا وإعجاب من يتابع مراحل حياته في هذا الكتاب، ففي الفصل الأول، وهو الموضوع المهم الذي يتناول حياة والدنا في وسط عمره، وهو يكافح مرض الجدري ويحاربه أينما كان، وهو الموضوع الذي جعلنا نهتم بتسجيل سيرته وأعماله طوال حياته، وقد جعلنا هذا الموضوع في بداية الكتاب لأهميته لدى كثير من الناس؛ أما الفصل الثاني فيتناول التجارة والغوص، إذ يعتبر هذا في بداية حياة والدنا، وقد زاول عدة مهن من أجل كسب الرزق، وفيه نوضح كفاح والدنا، واغترابه عن بلده، وهذا يعطي صورة لأهل القصيم عامة، وأهل بريدة خاصة، في كفاحهم وقدرتهم على خوض أنواع التجارة في أي مكان وزمان؛ بينما جاء ثالث فصول الكتاب عن عرض شهادات ووثائق، من أمراء المدن وشيوخ القبائل، ومن مدراء مدارس، إضافة إلى عرض قصص من رجال عرفوا والدنا ، ومن أصدقاء له، ومن أشخاص رافقوه في أسفاره من أجل مكافحة مرض الجدري، إلى جانب عرض لمقابلات مع مجموعة من الأشخاص الذين يترددون إليه من أجل الاستفادة منه.