د. حسن بن فهد الهويمل
[كبسلة] النقد اللَّاذع من أمتع المشاهد، سواء أكان صورةً [كاريكاتيرية] أم مشهداً تمثيلياً.
قبل سنوات، وبالصدفة لاح لي في التلفاز مقطعٌ تمثيلي، يجسِّد بكل مصداقية موقف أُمتنا المتورمة بكبرياء الزيف.
رجُلٌ تبدو عليه البلاهة، والتبذُّل، يحملق في شاشة التلفاز باهتمام بالغ، لمجرد أنّ الجدل يدور حول [كرة القدم]، وهو حاقن يتململ.
وما أن بدأ المذيع يتحدث عن [فلسطين] انطلق صوب الحمَّام، غير مبال بما يقال. واليوم، وبعد أن أطلق الرئيس [ترامْب] مفرقعاته الداحضة، أصاب [الكومبارس] المأجور ما يصيب القطيع حين يجتاله ذئب مفترس، إنه مشهد تمثيلي سخيف .
لقد هَبَّ الحاقدون الحاسدون، والعملاء المأجورون، يلتمّسون [كبش فداء] كي يعلقوا عليه أسمال فضائحهم.
وتأتي [المملكة] دائماً بقامتها الشامخة، وبحسن إدارتها للأزمات [مشجباً] للفارغين من كل حسِّ قومي.
[القضية الفلسطينية] دَمٌ مَغْدُورٌ، مَهْدُور. ضاع بين القبائل العربية كلها، بمواطأة عالمية، شهدها الفلسطينيون أنفسهم.
وكل شنشنة أخزمية تنتهز المناسبات الساخنة، لتتحول إلى فحيح أفْعَاوي، مَقْبوض الثمن.
وقنوات الضرار جاهزة لتلقي ركبان المهرجين، لتضيف إليه المسوغات، والمقبلات، كمسترقي السمع ، حين لا تدركهم شهب الحقيقة.
ما كان بودي أن أجاري في خلق دنيء، ولا أن أتقمّص خطبة [الحجاج] في العراق، ولكن المفتريات حين يتلقاها المروِّجون، تُفْقِد الإنسان السَّوِيَّ بعض احْتشامه، وترفُّعه.
كل شيء محتمل، إلا أن تُتَّهم [المملكة] بالتقصير في قضية الأمة العربية، والإسلامية.
من المتوقع أن يُتّهم الأقربون، ومن سايرهم، ممن اعترفوا بالكيان الصهيوني، وشاركوه أفراحه، وأتراحه، وتبادلوا معه اللقاءات، والمؤتمرات.
فيما لم تعترف [المملكة] بالكيان الصهيوني، ولم تتبادل معه أي شيء على الإطلاق. - فمن المتهم إذاً؟
[المملكة] لمَّا تزل تأسو، وتواسي، وتتوجع، وتُمَكِّن المقيم الفلسطيني من الحياة الكريمة على أديم أرْضِها. لا تسميه لاجئاً. ولا تقيم له مخيماً. ولا تزايد على أوضاعه. في كل الدول العربية ، لا أستثني دولة واحدة مَسَّ اللاجئ الفلسطيني فيها الضر، قُتِلَ، وشرد، وحوصر، وتعرض لكل أشكال الهوان، إلاّ في [المملكة]. تلك حقائق مسطّرة على صفحات الواقع، تغيظ الخائنين لأماناتهم.
لقد عاش المقيم الفلسطيني في المملكة كريماً، غنياً، يُمِدُّ أهله في الملاجئ العربية بالمال، ويذرع أرضنا، وأسواقنا جيئة، وذهاباً، وكأنه واحد منا.
لا أقول ذلك منّاً ، ولا أذى. ولكنها الحقائق المغموطة من المنتفع ذاته.
[المملكة] هي الوحيدة التي تفي بالتزاماتها الدولية، والعربية إزاء الشعب الفلسطيني، في فلسطين، وفي الشتات. وستظل كذلك رغم كل النكران داعمةً للمنظمة. ولكافة الهيئات الإنسانية ، وحتى لو فرض عليها الواقع الاعتراف بالكيان ، فلن تكون من المهرولين.
لو كنت مسؤولاً لتعاملت مع منكري الجميل بالمثل، وحملت الصامتين، والمنكرين للجميل على قول الحق، والاعتراف بالأدوار الشريفة التي تمارسها [المملكة] منذ عام 1947م.
لا مجال للتأجيل، لقد أحس المواطن السعودي بالمهانة من إعلاميين مأجورين، يمارسون الانبطاح، ولعق أحذية المقَتِّرين عليهم.
لقد اُغْضِبْنا، ومن حقنا أن نَغْضب، ليعرف المفترون، والصامتون أنّ كرامتنا وسمعتنا فوق الجميع.
لا سكوت بعد اليوم ، ولا تقصير بحق [فلسطين] : قضية ، وإنساناً. دعونا نَميِز الخبيث من الطيب.
بيدنا كل الأوراق الرابحة، ولدينا كل الوثائق الدامغة، ولنا ثقلنا في كل المحافل الدولية، ولنا مصداقيتنا، ووضوح مواقفنا.
نحن شعب ، ودولة، بذلنا المال بسخاء. ووقفنا المواقف بإصرار. ونالنا من الضر ما نالنا، وتعرضت مصالحنا للخطر.
الفلسطينيون خسروا [الكويت] حين مَالَؤُوْا [صدام]، ولم يخسروا المملكة حين خَذَلَنَا [ياسر عرفات].
لقد استُغِلِّت طيبتنا بشكل مؤذٍ لمشاعرنا. وما كان بودِّنا أن ننبذ للمسيئين على سواء، ولكن [لا بد مما ليس منه بد]، حبل النكران ، والتنكر ملتف على أعناقنا .
الفاشلون في إدارة الأزمات، واحتواء الخصوم ، يُعَوِّلون على علاقاتنا الطيبة مع [الولايات المتحدة الأمريكية]. ويظنون أنّ التعايش، والتصالح معها يأتي على حساب كرامتنا، وقضايانا المصيرية.
كل الصراخ الفارغ للتأكيد على أنّ سوء العلاقات فيما بينهم، وبين [أمريكا] مرده إلى أنفتهم ، وممانعتهم، وإصرارهم على حقهم.
بعض دول المنطقة بوصفها رأس الحربة لهذه الشراذم ، تركن لـ[أمريكا] و[إسرائيل] علناً، وعلى رؤوس الأشهاد.
قبل سنوات ، وفي إحدى المؤتمرات التي ترعاها [جامعة الدول العربية] المُنَفِّذَةِ في [سوريا] أطفأ الله عنها لهيب فتنتها، كنت ضمن [الوفد السعودي]، وكان من حق أي دولة عربية يُساءُ لها حق الرد. وكنا نتلقى النقد من بعض فصائل الوفد الفلسطيني.
وفي [اللوبي] يطلب منا أولئك التوسط لدى حكومتنا لدعم [ وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين] لصرف رواتبهم المتأخرة على عادتها في الأزمات.
وحين استنكرت فِعالهم، قال قائلهم :- [مكره أخاك لا بطل]، إنها العمالة بأبشع صورها، وأحط أساليبها.
إنّ على ساسة الأمة ، والفلسطينيين الشرفاء، والمؤتمرين لكبح جماح [ترامب ] أن ينزعوا الأقنعة، وأن يكونوا صادقين، شرفاء، فما عاد باستطاعتنا المضي قدماً إلى أبعد من هذا.
إنّ على [المملكة] حَمْلَ الجميع على إعلان مواقفهم منها قولاً، وعملاً. بما فيهم القادة الفلسطينيون.
ألسنا من الخيرية في الذروة، ومن العطاء في المقدمة. ولسنا بحاجة إلى أحد. لقد قالها قادتنا. نعطي، ولا نأخذ. نعين ، ولا نستعين. الله وحده ملاذنا، وناصرنا، ووعده الحق {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
أيها الأوغاد المُخَذِّلون ، ماذا تريدون من [المملكة]. وأنتم تُحْرِقُون صور القادة، وتوجفون عليها بخيلكم، ورجلكم، وتأتونها من كل جانب، وتقعدون لها كل مرصد؟. تُحرضون، وتساندون، وتفترون الكذب. إنّ حرب الإعلام تمهيد لحرب التصفية .
أيها الأوغاد لقد أنهكتم أمتكم بالتآمر، والدسائس، والعمالة، وأخذتم وضعكم المترف في المنافي، تأكلون من ثمن كرامتكم، تبيعون قدراتكم البلاغية لأعداء أمتكم. وتسعون في الأرض فساداً، والله لا يحب الفساد.
أتريدون لبيت الله المطهر للطائفين، والعاكفين، والركع السجود أن يكون كما كان أيام [القرامطة] يقتل فيه الحجيج، ويقتلع منه الحجر، وتنتهك في مشاعره الحرمات ؟.
تباً لكم، ولما تعبدون من الدينار والدرهم.
[المملكة العربية السعودية] عاشت آمنة، مطمئنة. يأتيها رزقها رغداً من كل مكان. وما كفرت بأنعم الله، ومن ثم لم تذق ما ذقتم. لم تطأها قدم مستعمر، ولم ينقلب عليها شعبها، لا في حُمَّى الانقلابات العسكرية، ولا في جنون [الربيع العربي].
إنّ دولة تلتطم أمواج الفتن على سفوحها من عشرات السنين، وهي ترفل في الأمن، والرخاء، والاستقرار لجديرة بأن يُقْرا نظامها، ويقتفى أثرها.
أتريدون [صوملتنا ]، أم [لبْنَنَتَنَا]، أم [سودنتنا]، أم [عَرْقَنَتَنَا]. أي نظام قائم تُغْرونَنَا به، وتستدرجوننا إليه.
تبًّا لكم ، ولما تعملون .