د. محمد عبدالله العوين
بادرت الدولة - وفَّقها الله - إلى التخفيف من أعباء رفع أسعار الطاقة وضريبة القيمة المضافة التي سيبدأ تطبيقها 1 يناير 2018م عن ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، وقد أقرَّ مجلس الوزراء الموقر في جلسته الماضية سياسات البرنامج وضوابط الدفع المقدّم لمواجهة التصحيح التدريجي لأسعار منتجات الطاقة وقيمة الضريبة المضافة على بعض المنتجات الغذائية والاستهلاكية، وهو سعي محمود ومشكور من قيادتنا الرشيدة لمساعدة الأسر المحتاجة والأفراد العازبين والعازبات الذين تزيد أعمارهم على أربعة وعشرين عاماً؛ حتى ولو لم يستقلوا بسكن خاص، كما أفادت بيانات الحساب الأخيرة.
ولأن «حساب المواطن» اعتمد الشفافية في تقبّل وجهات النظر المختلفة، ولأن في معرفة الرأي الآخر من خارج محيط الهيئة العاملة على وضع أنظمة هذا المشروع الوطني الخيّر؛ فإن الأمل أن يحدث تطوير مستمر لأنظمته لتعم فائدته فئات أكبر من المحتاجين الحقيقيين للدعم، وهو ما وعد به معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور على الغفيص بأن مراجعة دورية ستتم للحساب كل أربعة أشهر لتقييم الدعم المقدَّم وفئات المستحقين ومقدرتها على تحمّل قيمة منتجات الطاقة وارتفاع أسعار السلع، ونحن في غنى عن التأكيد على حفظ المال العام ومقاومة هدره، وضرورة صرفه لمن يستحق، وتخصيص فئات معينة بسقف دخل محدد أمر لا بد منه، لاستبعاد مَن هو في غير حاجة من فئات الأغنياء والميسورين من طبقات التجار وأصحب الدخول العالية.
اعتمد «حساب المواطن» إجمالي دخل الأسرة «الزوج والزوجة» معاً وعدد أفرادها التابعين؛ لا دخل الزوج وحده.
وقد أخذت هذه الرؤية لتقييم دخل الأسرة جدلاً طويلاً من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال التعليقات الساخنة على تصريحات المتحدث الإعلامي عن الحساب.
وأمام هذا الأمر نحن ملزمون قسراً بالتوقف عند مفهوم «رب الأسرة» وتحديد مسؤولية على من يجب عليه الإنفاق، والمدى الممكن الذي قد يصل إليه التعاون بين الزوج والزوجة شريكين في تحمّل هذه المسؤولية، ووفق رؤية الفقه الإسلامي لتكوين الأسرة فإن الزوجة ليست ملزمة بتحمّل أية مسؤولية في إعالة الأسرة، ولا يحق للزوج إلزامها بذلك أو أخذ شيء من مالها دون رضاها، فوظيفتها الأساس التربية والحفاظ على البيت والإشراف على تسيير أموره، وواجب الزوج البحث عن مصادر الرزق للإنفاق على عائلته، وإذا كان الحساب مصراً على دمج راتبي الزوج والزوجة معياراً للدخول في الشريحة الأولى أو الثانية أو الثالثة فإن من الضرورة تحديد نسبة تحمّل الزوجة جزءاً محدداً من مسؤولية الإنفاق؛ وإلا فإن من المحتمل حدوث قلق أو خلاف في هذه المسألة عند بعض الأسر.
لقد حال دمج دخل الزوج والزوجة معاً من استفادة ملايين من المواطنين من فرصة الحصول على الإعانة في تحمّل أعباء المعيشة، وهو ما أتمنى أن يتم التراجع عنه قريباً، واعتماد دخل رب الأسرة فقط «الزوج» معياراً لتقييم الاستحقاق.