فهد بن جليد
مؤسسة النقد اتخذت -مُؤخراً- خطوة بالغة الأهمية و في الاتجاه الصحيح، عندما ألزمت شركات التأمين بعدم إصدار أو تجديد وثيقة تأمين على المحلات التجارية ومافي حكمها من المستودعات ونحوها، إلا بعد التأكد من وجود كاميرات مُراقبة تليفزيونية فيها، وأرجو ألا تكون هذه الخطوة تأخرت مع الحديث عن رصد أعمال -سابقة- لجرائم سرقة أو حرائق مُتعمدة بهدف الحصول على قيمة التأمين نتيجة عدم وجود كاميرات مُراقبة.
هذا الأمر يدفعنا لتجديد المُطالبة بضرورة وجود تنظيم مُعلن وواضح لتركيب كاميرات المُراقبة في جميع الأماكن العامة والمحلات التجارية والمباني المُستأجرة وغيرها، كشرط إلزامي لمنح التصاريح النظامية والرسمية من البلديات ووزارة التجارة والدفاع المدني وهيئة السياحة والتراث الوطني وغيرهم من الجهات التنظيمية والرقابية، سابقاً كان يُنظر إلى وجود هذه الكاميرات في الأماكن العامة تحديداً بشيء من الريبة والشك والخوف من انتهاك الخصوصية لحياة الأفراد في هذه الأماكن والتجمعات، مع الفوضى والعشوائية في تركيبها - خصوصاً أمام أبواب الجيران وفي مداخل المنازل - إلا أنَّ هذه المخاوف والخلافات بدأت تقل وتتلاشى مع فهم الناس وإدراكهم لأهمية وطبيعة وجودها وتركيبها، ودورها في كشف الكثير من الجرائم والسرقات والاعتداءات.
وجود كاميرات المُراقبة لم يعد ترفيهاً أو علامة على الثراء والأهمية، بل بات ضرورة أمنية ومُجتمعية مُلحة، ففائدة هذه (الأعين الإلكترونية) أكثر بكثير من النظرة السابقة أو التخوف غير المُبرَّر، فإذا كانت توضع في محلات المجوهرات والذهب والبنوك من باب حماية هذه الأموال، فإنَّ حياة الناس أثمن وأغلى والمجتمع بات يتقبل وجودها الطبيعي في المطارات والفنادق و المباني الحكومية والشركات الخاصة، ما نحتاج إليه فعلاً هو وجود تشريع إلزامي بوجود هذه الكاميرات في كل مكان -سابقاً كتبتُ هنا وطالبتُ- بوجودها في سيارات الأجرة، والشاحنات، وسيارات الإسعاف والشرطة كما هو مُطبق في العديد من دول العالم التي وجدت في ذلك فائدة لناحية تجوِّيد العمل والرَّقابة، ومنع المُمارسات الخاطئة، والأهم دائماً هو فائدتها الأمنية والمرورية، واليوم أجد أنَّنا يجب أن نذهب إلى أبعد من ذلك بتركيبها كجزء من تجهيز رجال الأمن والرقابة والسيكورتي ورجال الإنقاذ والإسعاف.
فعندما يعلم الجميع بوجود كاميرات المُراقبة من حولهم، لن يقدم أحد على القيام بفعل مُخالف بعيداً عن أعين الرقيب كطبيعة بشرية مُشاهدَة حتى في تلك المجتمعات المُتحضرة والمُتقدمة التي قد تغيب في بعض أماكنها كاميرات المُراقبة، مما سيحد - برأيي- من ارتكاب المُخالفات والجرائم، وسيساهم ذلك بكل تأكيد في زيادة الالتزام بالنظام والقانون -بأقل ثمن-.
وعلى دروب الخير نلتقي.