لبنى الخميس
هل تؤمن بالصدفة؟ بالمواقف التي تضعها الحياة على جدول أعمالك بعشوائية؟ عن أشخاص تراهم وأنت متجه إلى عملك، منزلك، إجازتك القادمة، تحاورهم بعفوية على مقعد الطائرة، أو باب المصعد، أو على رصيف مدينة بعيدة، فيعيدون تعريف الاتجاهات، ويضبطون بوصلة حياتك من جديد.
هم بتعريف المجتمع غرباء.. وبحسب توجيهات والديك في الطفولة مصدر خطر عليك تجنبه، لكن أرواحهم تصافح روحك، ونصائحهم العابرة تعيد ترميمك من جديد.
ذلك الجرح الذي ظن الأقرباء أنه التئم، مرارة الفقد التي اعتقد الأصدقاء أنك ابتلعتها، تجربة الفشل التي حسبت أنك طويتها إلى الأبد.. تلك المشاعر.. الأحلام.. الخطط.. التي لم يسعك الوقت لتفصح عنها، ها هي تتدفق على طرف لسانك لغريب التقيته للتو، وأنت تعلم عميقاً أن الحياة قد لا تكتب لكم لقاءاً آخر ما يجعل حديثك صادقاً لأنك تدرك عميقاً بأنه تفاعل إنساني سريع وعابر وخال من التوقعات والأحكام.
فبحسب الكاتبة كيو ستارك مؤلفة كتاب «حين يلتقي الغرباء» نحن نتواصل أحياناً مع الغرباء بصورة أكثر عمقاً وحميمية من الأصدقاء والأهل، لأن مشاعرنا تجاه الغريب مفرغة من التوقعات التي قد تثقل تفاعلنا مع القريب، فأثناء بوحك لصديقك بذلك القرار الذي اتخذته في لحظة غضب، والموقف الذي أقدمت عليه تحت ضغط الأهل. أنت تتوقع منه أنه يفهمك.. يحتوي مشاعرك.. يوقف بصفك.. بل ويندد بتصرفات خصمك! بينما عندما تفتح قلبك للغريب، فإن أي تعاطف منه يصبح محل تقدير، بل إن أي رغبة في المساعدة والدعم تصبح مصدر سعادة ودهشة.
وفي وقت تتحول فيه علاقتنا مع أصدقائنا إلى سلسلة من التحديثات والتطورات الحياتية لقصص شهدنا بداياتها، وألفنا شخوصها وحفظنا تفاصيلها، تبقى للذة سردنا للحكاية بأكملها لغريب نهكة خاصة وطعم لا ينسى، فما هي فرصة أن يسألك صديق قديم عن سر شغفك بالكتابة حينما تخبره عن آخر مقال نشرته في مدونتك؟ أمام غريب تجد نفسك تسرد له بحماس حكايتك مع القلم منذ بداياتها.. بحلوها ومرها.. بنجاحاتها وتحدياتها.. ورسالتك النبيلة خلفها.
كما أنه في علاقتك مع الغريب غالباً لن تسمع أوصافاً مثل: أنت ضعيف، اتكالي، مخاطر، تشيل هم زيادة عن اللزوم! وغيرها من الأحكام التي باتت تصاحب كل قصة ترويها لقريب أو صديق، عرفك عن قرب، وسمع عشرات القصص التي سردتها عن عملك.. وعلاقاتك.. ورحلاتك. ستجد نفسك متحررا منها حين تلتقي بغريب وتشاركه حكايتك فيستمع باهتمام دون أن يستحضر حكماً مسبقاً تشكلت ملامحه على مر سنوات معرفته بك.
قد يتساءل البعض، إذا كان الغرباء يحملون كل هذه المزايا، ما الذي يجعلنا نهاب الحديث معهم.. بل نقرنهم كثيراً بالخطر.. ونغلف معاملاتنا معهم بالحذر؟ إنه الخوف من المجهول، من عجزنا عن اتخاذ قرار سريع عما إذا كانوا أهلاً للثقة أم لا؟ ووسط زحمة هذه الأسئلة والهواجس.. فكر جو غيبيا الشريك المؤسس لموقع اير بي ان بي في تصميم علاقتنا مع الغرباء من خلال إعادة تعريف الثقة. فكيف، فعل ذلك؟
اير بي أن بي إحدى أكثر التطبيقات ثورية في عالم الاقتصاد المشترك القائم على تبادل المنافع بين الغرباء في أكثر من 190 دولة.. فمن خلال التطبيق بإمكانك تحويل صالة منزلك إلى محل إقامة لسائح غريب لا يملك ثمن غرفة في فندق خمس نجوم في أحد أشهر شوارع المدينة. ومؤخراً بات بإمكانك أن تحظى بتجارب متنوعة مع أهل البلد كأن تطبخ الباستا الإيطالية مع ربة منزل تقطن في إحدى أحياء روما. أو تتجول برفقة فنان متذوق في أروقة متاحف برشلونة، أو تحظى بفرصة تعلم تقنيات التصوير الخارجي مع مصور محترف في طوكيو، أشارككم الأسبوع القادم 3 تجارب قررت خوضها عبر هذا التطبيق مع مجموعة من الغرباء.. فكانت تجارب استثنائية تستحق أن أدونها وأشارككها مع القراء.