د. محمد عبدالله الخازم
عندما تحدث كارثة مثل سيول جدة ننقد الدفاع المدني باعتباره المسؤول عن الإنقاذ والكوارث، وننسى أحيانًا أن الكارثة في أحد الكباري -مثلاً- كان يمكن تجنبها لو كان جهاز المرور بادر مبكرًا فأوقف الحركة المرورية في ذلك المكان، وأن التزاحم في أعلى النفق كان يمكن المساعدة في تخفيفه لو بادر جهاز الدوريات فأبعد المتجمهرين. ولو أن توقعات مصلحة الأرصاد أخذت تحذيراتها على محمل الجد وتم توجيه الطلاب والموظفين بالبقاء في بيوتهم أو الحذر..إلخ. لا أدافع هنا عن الدفاع المدني، لكنني استهل بالمقدمة لأقول إن الموجود لدينا هو جهاز إطفاء وإنقاذ، ويجب الانتقال لمفهوم الدفاع المدني الشامل للتعامل مع الطوارئ والكوارث بشكل متكامل.
في الكوارث نحتاج إلى آلية واضحة ومرنة تتحول خلالها جميع القطاعات الأمنية والإدارية ذات العلاقة بالمدينة أو المنطقة إلى جهاز واحد تحت قيادة موحدة. هذا هو مفهوم الدفاع المدني الذي ربما نحتاجه وهو مفهوم شامل لإدارة الكارثة على مختلف مستوياتها. ربما يحدث التنسيق، وأعلم أن الإمارة في كل منطقة تبذل جهدًا كبيرًا في مثل هذه الحالات، لكن ما أقصده هو عمل مؤسساتي أشمل لجميع المهام الأمنية والإنقاذية والإسعافية والصحية والأمنية الطارئة في مثل هذه الحالات، بطريقة أكثر سلاسة وبخبرة تكتسب من تدريبات واستعداد مسبق.
حان الأوان لإعادة تسمية الدفاع المدني الحالي بالإطفاء والإنقاذ وتأسيس الدفاع المدني كجهة مستقلة بكل منطقة تتولى التنسيق والقيادة لجميع القطاعات ذات العلاقة بالعمل الأمني والإنقاذي في الكوارث. الدفاع المدني ربما يرى البعض أنه أخذ اسمه في بعض الدول للتفريق بين المهمة الحربية والمدنية، حيث يأتي دور الجهود المدنية عقب أو نتيجة الحروب والكوارث. وربما الاسم لأنه بدأ كمؤسسة مجتمع مدنية أو أهلية في بريطانيا عام 1949م حين تشكلت مجموعات أهلية عقب الحرب. بغض النظر؛ لا أدري من أين جاءت تسمية الدفاع المدني في المملكة وهل كانت مهامه فقط الإطفاء والإنقاذ بشكلها الحالي؟
بغض النظر عن التسمية أرى الدفاع المدني أو هيئة الطوارئ المدنية مهمة تتجاوز مهام الإطفاء والإنقاذ الحالية. تحديدًا أرى مهمته التنسيق بين جميع القطاعات ذات العلاقة بحالات الطوارئ والكوارث، تأسيس تدريبات مشتركة سنوية واجتماعات تنسيقية بين القيادات وغرفة عمليات موحدة ترتبط بها جميع الجهات ذات العلاقة ولها مجلس يقرر مستوى الحالة الطارئة وحجم تدخل الجهات ذات العلاقة. لا تنتظر مخاطبة جميع الجهات والوزارة والإمارة لبدء عملية التنسيق أو الاعتماد على التعاون غير المنظم عندما تحدث كارثة - لا سمح الله- بل تبادر هيئة الدفاع المدني بما تراه مناسبًا وفق معطيات الميدان والمعايير التي تضعها قيادتها ومجلسها المعني بالانعقاد في حالة الطوارئ...
يوجد في المملكة المجلس الأعلى للدفاع المدني ومهامه رسم الإستراتيجيات العامة. مع بقائه أو اندماجه ضمن المقترح أعلاه أتمنى أن يكون لدينا هيئة للدفاع المدني - إذا كنا لا نريد التفريط في المسمى- أو هيئة إدارة الكوارث والطوارئ وفق الشرح أعلاه. وإعادة تسمية الدفاع المدني الحالي ليكون الإطفاء والإنقاذ أو الإنقاذ والإطفاء والسلامة.