محمد سليمان العنقري
تخصيص الخدمات بقطاع البلديات والأمانات يعد أحد أهم المبادرات التي أعلن عنها ببرنامج التحول الوطني ضمن رؤية المملكة 2030م، وذلك بهدف التحول لدور إشرافي ورقابي كحال كل القطاعات التي تدخل ضمن خطط الخصخصة إضافة لتعزيز دور القطاع الخاص بالاقتصاد الوطني ورفع مستوى الخدمات العامة في القطاع البلدي.
لكن الوصول لمستوى متقدم من الخدمات وتحقيق ذلك عبر الخصخصة أو مبادرات تطويرية لأنظمة التشغيل والرقابة بالتأكيد ليس بالعمل السهل، فمثل هذا النوع من الخدمات يدخل في العلاقة والتأثير مع كل فئات ومكونات المجتمع من الفرد إلى المنشأة ولذلك فهو يأخذ شوطاً طويلاً من العمل التنظيمي الدقيق للوصول لأفضل النتائج المستهدفة.
فبعد عقود من العمل القائم على الدور شبه الكامل لجهاز البلديات والدور الحكومي الممول والداعم لتطوير المدن وتقديم الخدمات فيها فإن الانتقال لإطار عمل مختلف ليكون رقابة وأشواف سيكون له تبعات طبيعية لتحديات عديدة مثل أي عمل يمر بمرحلة انتقالية بين إستراتيجيتين مختلفتين، وفي المدن الكبرى يكون الانتقال للدور الجديد أكثر تحدياً من المدن الصغرى ويمكن اتباع العديد من الأساليب التي يمكنها التغلب على بعض هذه التحديات ومن بينها «إنشاء شركات قابضة للمدن الكبرى» بملكية حكومية تتولى العديد من المهام المتعلقة بالتخصيص وكذلك تنفيذ بعض المشروعات الحيوية المهمة التي تحتاجها المدن وتتطلب دوراً حكومياً بالتمويل نظراً لضخامتها وأهميتها ويمكن لهذه الشركات أن تحصل على التمويل لتلك المشروعات بطرق عديدة كحال أي شركة تجارية دون الحاجة لانتظار أي تمويل من اعتمادات الموازنة العامة فمسؤوليات الإنفاق الحكومي كبيرة ومتشعبة وبالإمكان تخفيفها وكذلك عدم تأخير مشروعات مهمة لمدن كبرى حتى اعتمادها بالموازنات العامة فهذه الشركات يمكنها أن توفر ما تحتاجه من تمويل بطرق عديدة متعارف عليها مثل الصكوك كما أنها سترتبط مع الهيئات العامة لتطوير المدن للوقوف على احتياجات المدينة من مشروعات إستراتيجية لخدمة التنمية فيها.
مدن عديدة عالمياً أسست شركات قابضة أدارت من خلالها خططها التنموية وأنجزت مشروعات ضخمة رسمت مستقبل تلك المدن وجذبت الاستثمارات لها؛ من بينها في منطقتنا شركة دبي القابضة التي تمتلكها حكومة إمارة دبي وساهمت بتطوير المدينة عبر مشاريعها العملاقة مما يمكن أن يتم تطبيقه ببعض مدن المملكة لتحقيق معدلات نمو عالية بتلك المدن وبمدة زمنية قياسية قصيرة.