رقية سليمان الهويريني
سقط تُجّار الوعظ الديني بسرعة عجيبة مما جعلهم يستبدلون حساباتهم في تويتر للإعلانات التجارية! ولعلها انتهت فترة أدلجتهم للناس وجر الاتباع لحظيرة التقديس! ومنها ستتلاشى مفاهيم تقسيم المجتمع لدعاة بقداسة، وعامة لا يفهمون إلا ما يقوله الواعظ العالِم عن الإسلام!
وهي فرصة للارتقاء بالوعي وتقديم فكر وسطي عقلاني يقضي على ما تبقى من (جيوب التطرف)! ويعرض مشروعات فكرية نهضوية للشباب تنهي مرحلة دعاة الظلامية ممن كانوا يتاجرون بقصص وهمية تخدر العقول وتخلق العزلة؛ حتى أسكنت اتباعهم في كهوف الظلام وجعلتهم لا يحركون حواسهم ولا يستخدمونها! وهو ما يستوجب تأهيل أولئك الاتباع ليخرجوا من الضبابية بعد أن كانوا أدوات لتجار الدين ممن يتحركون حسب مصالحهم تحت غطاء الوعظ والإرشاد!
أما وقد انكشف غطاء الزيف وأزيح ستار النفاق وأزيلت أقنعة المصالح وتعرى كثير منهم أمام الناس فمقتوهم بعد إدراك أن أهداف بعضهم مادية بحتة، وهو ما يحمّل المثقفين المعتدلين مسؤولية دعوة الناس لنهج الحرية الفكرية عبر منهجية واضحة، وإيجاد رموز ذوي اعتدال ليكونوا بديلاً مناسبًا للرموز المتهاوية ومساهمًا بإعلان الحرب على التطرف والفساد الفكري.
إن مرحلة تحرير العقول حساسة وصعبة جدًا بعد اعتقالها في كهوف الظلام، بيد أني أزعم أن الوضع السياسي والاجتماعي سيسهلان المهمة وسيساعدان على تحرير العقول وإطلاقها من معتقل التخويف المستمر من عذاب النار بدلاً من الأمل برحمة الله والتوسل إليه، واستمراء الحزن والكآبة والزهد في الدنيا بدلاً من عمارتها والاستمتاع بحلالها وطيباتها.
إن خطاب بعض الوعاظ التخويفي من حالة الوسطية التي تدعو لها الحكومة وكما هو حقيقة سماحة الإسلام، وتصويرها بأنها أحد أشكال الانحلال هو صراخ يرافق الألم من ضياع مكانتهم التي بنوها على أكتاف البسطاء، وكساد بضاعتهم التي تاجروا بها على عقول من أعاروها لمن استغلها.
ويكمن السر في نشر الوعي والانعتاق من الكهنوت، فالإسلام للجميع، ولمن يقرأ فيفهم، في وقت أصبح العلم متاحًا لمن يبحث، ولا يصغي لواعظ يمنحه معلومة ويسلب عقله وشغفه بالبحث!