يوسف المحيميد
منذ عقود لم يكن للفنون أهمية تذكر، خاصة الفن الفوتوغرافي، فلم يكن الفنان الفوتوغرافي من جيل خالد خضر وصالح العزاز - رحمه الله - وحمد العبدلي وغيرهم، يجد البيئة المناسبة التي تعتني بأعماله الفنية، بخلاف ما نعيشه الآن من اهتمام كبير، وتحولات واضحة في المملكة على جميع المستويات، ولعل من بينها التحولات الاجتماعية والاقتصادية، والتعامل مع الفنون كوسيلة لرفع الذائقة الجمالية من جانب، وتحويلها إلى مصدر عمل وكسب، وقبل كل ذلك الاعتراف بالفنون على مستوى مجتمعي، من خلال أعداد الحضور للمناسبات الفنية، وهذا هو الأهم.
ولعل الاهتمام الكبير الذي تبذله هيئة السياحة والتراث الوطني، من خلال تنظيمها ملتقى ألوان السعودية، بشكل سنوي، حتى بلغ عامه السادس هذا العام، يؤكّد اتجاه بوصلة الوطن نحو الفنون، رغم التعامل الواضح مع الصور الفوتوغرافية كمصدر جذب سياحي، وهو بالطبع هدف مشروع للهيئة، ووسيلة ذكية لاستثمار طاقات المجتمع في التقاط أجمل الصور السياحية لهذا الوطن، سواء كانت معبرة عن الحاضر أو الماضي.
وخلال جولتي في المعرض، حيث تلقيت دعوة كريمة من سمو رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان، لاحظت هذا الاتجاه نحو الصور السياحية الجميلة، وهي بالطبع صور مهمة وفرصة لاكتشاف وعرض كنوز المملكة في الماضي، أو عكس حاضرها المزدهر.
ولكن تقييد موضوعات الفن الفوتوغرافي يجعله مكبلاً، وقد تأكد لي ذلك في حواراتي مع المصورين الهواة، في أجنحتهم الصغيرة، حيث تتضح رغبة البعض منهم بعرض صور أعمالهم الفوتوغرافية ذات الطابع الفني الذي قد لا يرتبط بالجانب السياحي، لكن شروط الملتقى تفرض عليهم عكس ذلك، إذ يشترط أن تكون الصورة ذات بعد سياحي، وهو ما يجعل بعض الفنانين الهواة يخسرون صورًا فوتوغرافية متميزة بسبب أنها ليست صورة مباشرة معبرة عن مشهد طبيعي سياحي.
ماذا لو خصص الملتقى جزءًا من مركز المعارض الضخم، للأعمال الفوتوغرافية ذات الطابع الفني الجمالي، بما تحمله أحياناً من بُعد تجريدي أو غير مباشر. قد يبدو أن ذلك ليس من مهام الهيئة، وأنه أقرب إلى مهام هيئة الثقافة، أو وزارة الثقافة والإعلام، لكن الشعور الجمعي بأن الوطن يشرع أبوابه للفنون كلها، الفوتوغراف والتشكيل والسينما والمسرح، يجعلنا نتطلع أكثر، لأن تتنافس الجهات ذات العلاقة، لنحظى بمنجز فني وطني مميز.