فهد بن جليد
عندما أقول إنَّنا لا يمكن أن نحكم بشكل دقيق على أثر حساب المواطن إلا بعد عام كامل من التجربة، فهذا نتيجة طبيعية لتداخل العديد من العوامل التي يمكن أن تساهم في تحقيق أهداف البرنامج والتي لا يمكن تقييمها - برأيي - قبل انتهاء السنة الأولى للبرنامج، واقتراب أعداد المُسجلين من الأرقام المُتناسبة مع عدد المواطنين والأسر، ومعرفة فرق الاستهلاك الحقيقي ونسب الدعم المالي، إضافة لتحسين الاستهلاك وضبطه ووقف الهدر، وهذا هو العامل الأول الذي تحدثنا عنه - يوم أمس - والذي يختص بثقافة الادخار والاستهلاك ووقف الهدر عند السعوديين .
العامل الثاني - برأيي - هو قطع الطريق على استغلال بعض التجار لأي مبلغ يصل لجيب المواطن وحماية المُستهلكين من ارتفاع أسعار المُنتجات الأخرى، تبعاً للثقافة السائدة - عند بعض التجار الجشعين - ممن يرون بأنَّ أي مصدر دخل جديد يصل للمواطن (راتب إضافي، إعادة بدلات ... إلخ) هو هدف مُبرر لزيادة ورفع أسعار المُنتجات وكأنَّ هذا الدعم يصبُّ في جيب التاجر، وبكل تأكيد أنَّ خطة حماية المستهلك التي أقرّها مجلس الوزراء مؤخراً وفي مقدمتها تكوين غرفة عمليات مُشتركة تضم الجهات المعنية ستكون أول المصدَّات ضد أي استغلال أو انحراف للهدف من هذا الدعم، شريطة أن يكون التطبيق صارماً وفاعلاً والتجاوب سريعاً مع شكاوى المُستهلكين لتحقيق الهدف من هذا الدعم بدلاً من أن يطير به مُرتزقة الحساب من التجار مع زيادة نفقات المواطن.
العامل الثالث هو البُعد عن ترسيخ مفهوم أن هذا الدعم إعانة مقطوعة أو مساعدة شهرية مُحددة بمبلغ ثابت (ضمان، تأهيل) والتأكيد على أنَّه برنامج إصلاحي مَبالغه مُتغيِّرة وتخضع للمُراجعة كل ثلاثة أشهر، هدفه تخفيف أعباء تغيّر أسعار الطاقة على الفئات المُستحقة للدعم.
العامل الرابع هو الشفافية في كيفية حساب الدعم الشهري، والسرعة في التعاطي مع شكاوى واستفسارات المواطنين وتنوعها، فالتجربة جديدة علينا، وسنتها الأولى حُبلى بتصادم المفاهيم وتطاير الأسئلة بين الواقع والمأمول، فمتى ما قرب الحساب من المواطنين أكثر وكان سريعاً في تجاوبه وردوده وتعامل معهم بشفافية، سيقطع الطريق بكل تأكيد على المرجفين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين تحركهم أحياناً جهات خارجية لتخويف المواطن السعودي، ومحاولة بث روح الانهزامية والشك فيه من الخطوات الإصلاحية التي يقودها سمو ولي العهد - حفظه الله -.
متى ما غيَّرنا من سلوك الفرد الاستهلاكي لناحية الطاقة، فإنَّنا سنجني ثماره في سلوكه الاستهلاكي الأعم والأشمل في باقي مناحي حياته، ومتى ما حمينا أسعار بقية المنتجات الاستهلاكية من التأثر، فإنَّنا سنضمن تحقيق البرنامج لأهدافه وتوجيه المُخصص لأسعار الطاقة، وليس تحميله أعباء تسديد أي فروقات أخرى يشعر بها المُستهلك، أنظر لنفسك بعد عام وأحكم.
وعلى دروب الخير نلتقي.