د. محمد عبدالله العوين
ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - الكلمة الملكية السنوية في افتتاح السنة الجديدة من أعمال المجلس لدورته السابعة الأربعاء 25ربيع الأول 1439هـ ووقف عند ما يحتاج إلى تجلية للمنهاج الذي تسير عليه المملكة في طريقها إلى التحديث متطلعة إلى تحقيق صورة المستقبل الزاهر - إن شاء الله - لمملكة 2030م.
ويحسن بنا أن نتأمل في إشارات سريعة جملة من المعاني العظيمة التي تعد خطة طريق ونبراس عمل لتحقيق الأهداف التي تتطلع لتحقيقها قيادة هذا الوطن:
- أزال الملك سلمان الغشاوة عن عيون من يسعى للاصطياد في المياه العكرة ويتعمد تشويه المفهومات ولي أعناق النصوص وتغيير وجهتها إلى ما تتوق إليه نفسه؛ فألجم من في نفسه مرض وأكد على أن المملكة وهي تحقق النجاحات المتوالية في حربها على التطرف والإرهاب والغلو تفرق بين ما تنبذه وتتبرأ منه وما تتمسك به وتعض عليه بالنواجذ، فتتمسك بالثوابت والقيم الإسلامية و تحارب التطرف في الوقت نفسه، وهي أيضا حين تسرع خطاها لتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه في وقت وجيز لتحديث مرافقها وبنيتها التحتية وتطوير مفهومات الأداء وتعميم التقنية وتوطين المعرفة والتناص مع الثقافات والحضارات الإنسانية لا يعني ذلك بأي حال الاندفاع في طريق يتنافى مع القيم الدينية «لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال واستغلال يسر الدين لتحقيق أهدافه».
- أما حديث الملك سلمان في كلمته عن خطوات الإصلاح الشاملة التي انتهجها منذ أن استلم مقاليد الحكم ؛ كإعادة هيكلة الدولة، ومعالجة التراخي في الأداء الحكومي، ودراسة أسباب تضخم نفقات المشاريع وتعثر تنفيذها، والبحث عن ممارسات الفساد المختلفة على المستويات كافة ؛ فكانت بحق خطة جديدة لتحقيق رؤية المملكة 2030م، ولعل الأكثر لفتا للانتباه شجاعة مواجهة المفسدين ودقة المتابعة وذكاء الرصد ووضع أسس قانونية للمحاسبة وتأكيد مفهوم العدل بين الأمير والوزير والكبير والصغير، وإعادة أموال الدولة من الجيوب الخاصة مهما بلغت أساليب التحايل ومهما كانت كفاءة ومقدرة المسؤول أو ضخامة موقعه وانتسابه العائلي التي حقق من خلال تمتعه بتلك الصفات حالات غنى بالغة البطر من الإثراء غير المشروع، أي بعبارة أدق وأكثر تحديدا من «السرقة».
وحين أمر الملك سلمان بتشكيل لجنة عليا لقضايا الفساد العام يرأسها سمو ولي العهد منحها صلاحيات مطلقة لتعمل بحزم وعدل من أجل إعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة لتنعم البلاد بالنهضة والتنمية التي يرجوها كل مواطن .
لا شك أن كثيرين تساءلوا عن كثرة الأسماء المتهمة ومنزلتهم العالية في تراتب المسؤوليات الحكومية ؛ ولكن الملك يؤكد أن كثرة العدد الذي فاق مائتي اسم لا يعني التشاؤم أو سوء الظن ؛ فالشرفاء المخلصون هم الأغلب، والمتهمون هم الاستثناء .
حمى الله بلادنا وقيادتها، وحقق الآمال المرجوة في النهضة والتقدم .