«الجزيرة» - المحليات:
أعلن مدير عام صندوق أوبك للتَّنمية الدّولية (أوفيد)، الأستاذ سليمان جاسر الحربش، اختتام مجلس محافظي أوفيد أعمال جلسته الاعتيادية الحادية والستين بعد المائة والأخيرة لهذا العام، التي عُقِدت في مقر أوفيد في فيينا بجمهورية النمسا الاتحادية، حيث تم اعتماد دفعة جديدة من التَّمويلات الميسرة تبلغ قيمتها الإجمالية ما يزيد عن 454 مليون دولار أمريكي لتعزيز التَّنمية المستدامة الشاملة في 43 بلدًا ناميًا في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي وتفجير الطَّاقات الكامنة لدى الشُّعوب وتحفيز الطَّاقة الإنتاجية لديهم وفتح آفاق الإبداع والابتكار أمامهم.
وأوضح الأستاذ الحربش أنه قد تم تخصيص أكثر من ثلثي هذه التمويلات الجديدة، التي تقدر بنحو 323 مليون دولار أمريكي، لدعم ثلاثة عشر مشروعًا حيويًا للقطاع العام الذي يعد الركيزة الأساسية لعمليات أوفيد. ونوه بأن هذه المشروعات تستهدف تحسين قطاعات النقل في كل من بنجلاديش وبليز وبوليفيا وجيبوتي وقيرغيزستان ونيكاراغوا؛ وقطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني في كل من مدغشقر وزامبيا وزيمبابوي؛ وقطاعات التعليم في بوركينا فاسو والصين وسيريلانكا؛ فضلاً عن قطاع الإمداد بالمياه والري في رواندا.
وتعليقًا على تمويلات قطاع النقل الستة، أشار الأستاذ الحربش إلى أن أوفيد يولى أهمية بالغة لتحسين قطاع النقل في البلدان الشريكة إِذ يعد أحد مقومات العصر الحديث اللازمة لدعم الأنشطة التجارية والاجتماعية والثقافية التي تعزز مسيرة التنمية المستدامة في البلدان النامية وتلعب دورًا مهمًا في دفع عجلة الاقتصاد وتقديم الخدمات اللازمة لكافة قطاعات الإنتاج فضلاً عن الخدمات الاجتماعية. واستطرد مدير عام أوفيد أن التمويلات الجديدة تستهدف أيضًا دعم قطاع الزراعة كمصدر رئيس لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الجوع والفقر، الذي يعد من أهم أولويات السياسة الاقتصادية والاجتماعية ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي في البلدان النامية وباستقلالها السياسي والاقتصادي. أما بالنسبة لمشروعات قطاع التعليم، فقد أكَّد الحربش على أن رؤية أوفيد الذي يطمح إلى عالم تكون فيه التنمية المستدامة المتمركزة على بناء القدرات البشرية واقعًا يعيشه الجميع، لا يمكن أن تتحقق دون تعزيز قطاعات التعليم بمختلف مراحلها في البلدان الشريكة، واصفًا التعليم بأنه قلب التنمية وأداة النهضة ومصدر القوة في المجتمعات. وأضاف، أن جهود أوفيد المبذولة لتعليم وتأهيل الشباب، ومن ثم توفير الموارد البشرية القادرة على تشغيل وإدارة عناصر التنمية، تسهم في بناء مجتمعات قوية سليمة يسودها الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي والاقتصادي.
وشدد الحربش على أهمية دعم أوفيد لقطاعات التعليم الأساسي والعالي والمهني في البلدان النامية إِذ يساعد على خلق أنظمة تعليمية قوية توفر المهارات التي تحتاجها أجيال المستقبل من أجل اقتصاد مستدام وتمكنهم من العمل في المجالات الحديثة مثل الطاقة المتجددة والزراعة الذكية وإعادة تأهيل الغابات واستخدام الموارد بفعالية عالية فضلاً عن الإدارة السليمة من أجل بيئة صحية.
ونوه المدير العام بأن عمليات القطاع العام كلها تأتي بالتعاون مع حكومات البلدان الشريكة المعنية ومنظمات التنمية الدولية المساهمة بغية تنسيق الجهود المشتركة ومضاعفة النتائج إلى أقصى حد ممكن، مؤكدًا على أن هذه الشراكات تدعم رسالة أوفيد الساعية إلى تعزيز التضامن فيما بين بلدان الجنوب، فضلاً عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر - أيلول 2015 في قمة أممية تاريخية من أجل حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ.
أما بالنسبة لبرامج أوفيد الخاصة بالمنح، التي وصفها الحربش بأنها أداة مهمة من أدوات التنمية التي يكرسها أوفيد لدعم المبادرات الرامية إلى تحسين سبل المعيشة من خلال معالجة التحديات الإنمائية، فقد اعتمد المجلس إحدى عشرة منحة بقيمة إجمالية قدرها 7.56 مليون دولار أمريكي لدعم مبادرات وبرامج عدد من المنظمات الدولية غير الربحية، وهي: المعهد الدولي لأبحاث المحاصيل في المناطق المدارية شبه القاحلة؛ والمركز الدولي للبطاطس؛ ومؤسسة كوديسبا؛ والرابطة الدولية للمياه؛ ومعهد باستور؛ والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)؛ وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشعب الفلسطيني؛ وجمعية الرعاية الاجتماعية؛ وصندوق مصابيح الطاقة الشمسية؛ ورواد الأعمال في العالم؛ والطاقة من أجل التأثير.
وتستهدف مبادرات وبرامج هذه المنظمات الدولية غير الربحية التخفيف من حدة الفقر، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين ظروف المعيشة لدى النساء في المناطق الريفية، وتوفير إمدادات مياه الشرب الآمنة، وتحسين مستويات الصحة، وتعزيز مشروعات التنمية المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم، وتوفير الطاقة النظيفة، وتنظيم دورات تدريبية للفنيين العاملين بمجال الطاقة، وذلك في أكثر من 20 بلدًا ناميًا في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وأضاف الأستاذ الحربش، أن ثلاثة من بين المنح التي اعتمدها المجلس، وقيمتها الإجمالية 2.7 مليون دولار أمريكي، قد خصصت لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. وأوضح الأستاذ الحربش أن المنحة الأولى، وقيمتها مليون دولار أمريكي، تهدف إلى تمويل مبادرة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) لمساعدة نحو 35 ألفا من صغار المزارعين في الضفة الغربية من خلال تعزيز فرص الحصول على الأراضي الزراعية ومصادر المياه ومواجهة تحديات تقلب المناخ لزيادة الإنتاج وتسويق المنتجات الزراعية، فضلاً عن تطوير المشروعات الصغيرة التي تديرها النساء والشباب. وقد تم تخصيص المنحة الثانية، وقدرها 1.16 مليون دولار أمريكي، لتمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدعم الشعب الفلسطيني لتنفيذ جملة من المشروعات الإنمائية متوسطة الحجم في القدس وقطاع غزة. وتشمل هذه المشروعات توسعة قسم علاج السرطان بمستشفى أوغستا فيكتوريا في القدس لإتاحة العلاج لنحو 4500 مريض إضافي سنويًا؛ وإنشاء مركز للمعوقين بصريًا في قطاع غزة لمعالجة نحو 400 طفل سنويًا؛ فضلاً عن إنشاء وحدات صغيرة لتحلية المياه للمؤسسات التعليمية في قطاع غزة سيستفيد منها نحو 31 ألف طالب. أما بالنسبة للمنحة الثالثة، وقدرها 600 ألف دولار أمريكي، فقد تم تخصيصها لتمويل مبادرة جمعية الرعاية الاجتماعية المعنية بتحسين واستدامة الخدمات الصحية في قطاع غزة من خلال تركيب أنظمة الطاقة الشمسية اللازمة لتوفير إمدادات الطاقة الكهربائية إلى سبعة مرافق صحية في قطاع غزة، التي سيستفيد منها 450 ألف مريض سنويًا. وبهذا يكون نصيب الشعب الفلسطيني من المنح التي أقرها المجلس خلال هذه الدورة 37 في المائة. وأشار الحربش إلى تاريخ التضامن بين أوفيد والشعب الفلسطيني الذي يعود إلى ما يزيد على أربعة عقود، سعى خلالها أوفيد جاهدًا من خلال المشاركة في تمويل مئات المشروعات إلى دعم وتمكين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين في البلدان المجاورة المعرضين للخطر وهم يسعون إلى تحقيق حلمهم في إقامة دولة فلسطينية مستقلة آمنة. وما يزال هؤلاء الفلسطينيون يواجهون أوضاعًا عصيبة ما انفكوا يعانونها طوال تاريخهم الحديث الحافل بالاضطرابات. وأكَّد الحربش على أن أوفيد أكثر تصميمًا وعزمًا من أي وقت مضى على مواصلة دعمه الثابت وتضامنه مع الشعب الفلسطيني الشقيق. وفي إطار مرفق اقطاع الخاص، الذي اعتبره الحربش وسيلة إضافية فاعلة يمكن لأوفيد من خلاله دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم لتشجيع المشروعات الإنمائية ودفع عجلة النمو الاقتصادي، فقد اعتمد المجلس خمسة تسهيلات تمويلية بقيمة إجمالية قدرها 114 مليون دولار أمريكي، تهدف العملية الأولى والثانية منها إلى تعزيز قطاعات الطاقة في أرمينيا والأردن؛ بينما تستهدف العملية الثالثة والرابعة دعم مؤسسات مالية في كمبوديا ونيكاراغوا لتعزيز القاعدة الرأسمالية اللازمة لتوسيع نطاق عملياتهما الإقراضية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم؛ أما العملية الخامسة فتهدف إلى تمويل مشروع للتوسع في إنتاج الأسمنت في باكستان.
وفي إطار عمليات أوفيد الخاصة بتمويل التجارة، فقد أشار مدير عام أوفيد إلى اعتماد المجلس 10 ملايين دولار أمريكي للمساهمة في تمويل أنشطة التجارة الدولية في تركيا. وأضاف، أن مرفق تمويل التجارة الدولية هو نافذة أوفيد لتيسير أنشطة الاستيراد والتصدير وتعزيز التعاون التجاري على الصعيد الدولي الذي يعد من أهم مقومات نجاح وازدهار الاقتصاد. وأوضح الحربش أن تمويل مختلف هذه القطاعات يأتي في صميم خطة أوفيد الإستراتيجية التي أعدت استنادًا إلى الدراسات التحليلية الدقيقة للاستدلال على متطلبات البلدان النامية الملحة، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يستفيد من هذه القروض والمنح الجديدة ما يناهز ثمانية ملايين من المحرومين في البلدان الشريكة المعنية.
وختامًا، أكَّد المدير العام على مواصلة أوفيد جهوده لتنفيذ مهمته في القضاء على الفقر بكافة أشكاله، معربًا عن استعداده لتعبئة كافة الوسائل المتاحة لدعم القطاعات الحيوية في جميع أنحاء العالم النامي. وقال: «نحن ملتزمون التزامًا كاملاً بدعم جميع أهداف الأمم المتحدة للتّنمية المستدامة السبعة عشر، وأن تمويلاتنا الجديدة تؤكد على عزمنا تحسين ورفع مستويات المعيشة لأشد الناس ضعفًا وفقرًا على كوكبنا».
وجدير بالذكر أن أوفيد قد قدم منذ إنشائه في عام 1976 حتى الآن ما يناهز 21.5 بليون دولار أمريكي على شكل قروض بشروط ميسرة ومنح لدعم المشروعات الإنمائية المستدامة في 134 بلدًا ناميًا في كافة أرجاء العالم، موليًا أولوية قصوى لأشدِّها فقرًا.