سرى ليلُ الهوى فسرى عِثارُ
ودارتْ كأسُهمْ طيشاً فداروا
فسالَ الدَّمعُ أنهاراً وسالتْ
دماءٌ ما درى عنها الدَّمارُ
يُداهِمُ لا يفرِّقُ بين شيخٍ
ويُتْمٍ والنِّساءِ ومن يغارُ
تجَبُّرُ - من أرادَ الظلمَّ نهْجاً-
مَسارٌ لا يُردُّ له مسارُ
وعينُ الغوثِ تذرفُ دون حولٍ
وخطْوتُه إلى خلفٍ تُدارُ
حنانكِ لا تصبِّي غيرَ عزٍّ
بأقداحي فقدْ كَثُر الدُّوَارُ
وذوبي في كياني إنَّ شعري
بحسْنِكِ لا يُشاهُ ولا يُبارُ
فديتُكَ لا تطيبُ حياةُ حرٍّ..
وشعرٌ لا يُنغِّمُه اقتدارُ
أقول: وما أقول: وكلُّ نبضٍ
منيرٍ لا يقرُّ له قرارُ
تآكلَ بالمآسي وهو حيٌّ
ويشكو من يخاتلُ وهو جارُ
***
توالى البؤسُ من أبوابٍ أنْسٍ
ليُولَدَ من مقاعده انشطارُ
وصار الرَّأسُ ذيلاً وهو يدري
بأنَّ طريقَه ذلٌّ وعارُ
أسفتُ وما أسفتُ سوى لناسٍ
رأوا الإعزاز يُومئُ فاستداروا!
فعزَّتُهمْ تجولُ بكفِّ جورٍ
وعدّتُهمْ سلاحٌ مُستعارُ
تُباعُ شعوبُهمْ بهوى كراسِ
وتُفنى إنْ على الأنوارِ ساروا
أُعِدَّ لهمْ ليعتبروا اختبارٌ
فما فازوا فثارُ الاعتبارُ
فأهدرَ كلَّ ما يرجون صدٌّ
به زاد الونى وطغى انهيار
وسادَ الطَّامعون بمن تهاووْا
-على إغرائهم- فجنوا وجاروا
أقاموا مسرحاً فيه المآسي
تكاثرُ ما خبا منهمْ غبارُ
صياح النائحاتُ يذيبُ صخراً
ومن دمعٍ لهنَّ شكتْ بحارُ
متى يلقى عدوَّ اللهِ ردعاً؟
متى يا ناسُ ينسدلُ السِّتارُ؟
يضيعُ الحقُّ وضَّاحاً نهاراً
فلا الميزانُ قامَ ولا النَّهارُ
***
فديتُكِ يا سلا عمري أديري
كؤوسي ملْؤها شعرٌ مُنارُ
يبين الهونَ من ليلِ الحيارى
ويُفْحِمُهمْ بياناً ما يُماروا
يغيِّرُ مَرْمدَ الأرواحِ ناراً
ويغسلُ من يلطِّخهُ [ الدُّفار]
به السَّيابُ [1] في بغداد يُرْوى
ويُذكَرُ- في دمشقَ به- نزارُ[2]
وتفخرُ رؤيةُ الأعمى [3] [ بصنعا]
وبالشَّابيِّ [4] يندحرُ العَوَار
وتشدوا غزةٌ .. درويشُ [5] طِبْنا
ببأسِ النورِ قد خسر الحصارُ
فلا كانتْ قوافٍ لم تضمِّدْ
جروحاً أو يُطبْ منها انكسارُ
ولا كانتْ قوافٍ لم تحرِّكْ
ركوداً كي تعيشَ به ديارُ
ولا كانت قوافٍ لم تلامسْ
شغافاً [يستقيل] بها الشِّجارُ
تباركُ بالفضيلةِ كلَّ سامٍ
وتنفي ما يحاربُه الوقارُ
وتوقظُ بالحماسةِ كلَّ غافٍ
لتنصرمَ الجهامةُ والضِّرارُ
***
أقولُ: لمنْ مضى نهجاً قويماً
وحلَّ بِبُعْدِهمْ عنه انحدارُ
يصوغُ مشاعري أملٌ جريحٌ
إلامَ علاجُه قازٌ ونارُ؟
إلامَ الاختلافُ بلا مرامٍ
صوابٍ والكبارُ همُ الصِّغار
وينشطرُ الوئامُ لشنِّ حربٍ
على بعضٍ لينهزمَ الشِّعار؟
كفى ،من وَهْنِكمْ زأرتْ شياهٌ
فحلَّ نفوسَكمْ منها ذِعارُ
أعيدوا عزَّةَ الماضي التحاماً
وتأريخاً يُفنِّدُ من [تواروا]
فلا نصراً بلا نصرٍ إذا لمْ
تعودوا للقويمِ فلا انتصارُ
إلهي رحمةً نرجو لنحيا
بعزٍّ لا يُضامُ ولا يُجَارُ
فنرفع رايةَ الإسلام فوزاً
فلا ظلمٌ يكرُّ ولا شنارُ.
... ... ...
الهامش
1- الشاعر بدر شاكر السياب
2- الشاعر نزار قباني
3- الشاعر عبدالله البردوني
4 – الشاعر أبو القاسم الشابي
5- الشاعر محمود درويش
** **
- شعر/ منصور بن محمد دماس مذكور 1439/1/13هـ
dammasmm@gmail.com