عندما تظهر صناعات جديدة، ومنتجات لا سابق لها، وبرامج مبتكرة، تفرز معها وظائف جديدة، وأعمالاً لم تكن معهودة من قبل. ولعل تحوير مقولة: «الحاجة أم الاختراع» إلى: «الاختراع أم الحاجة» يكون مناسبًا في عصرنا الحاضر.
فاختراع الهاتف الجوال - على سبيل المثال - أطلق تجارة جديدة بعشرات المليارات من الريالات بيعًا وصيانة وتسويقًا، وما يرتبط بها من خدمات مساندة. بل إن اختراع الجوال تطلب إصدار نظم ولوائح جديدة، وتأسيس أجهزة حكومية وخاصة لمتابعة ومكافحة الجرائم المتعلقة بها.. ولا أبالغ إن قلت أيضًا إن اختراع الجوال خلق لغة جديدة بين أفراد الجيل الحاضر، تبدو للجيل السابق وكأنها رطانة أجنبية.
وقس على الجوال برامج الترفيه التي أخذت تُتابع في المملكة، وتظهر في صور مختلفة ومتنوعة، وفي مناطق متعددة. فهذه البرامج يصاحبها خلق العديد من الوظائف الأساسية، وتقديم خدمات مساندة، كالخدمات القانونية التي بدورها تفتح الباب واسعًا للمختصين في القانون لأن يكونوا محامي ترفيه.
وحقيقة الأمر ليس ثمة قانون اسمه قانون الترفيه غير أن طبيعة فعاليات وبرامج الترفيه بمختلف أنواعها، سواء المهرجانات والأفلام والألعاب والسيرك والمسرح والموسيقى والعروض الكوميدية ومسابقات التحدي، تتطلب النظر في أمور قانونية مهمة، منها العقود والتزاماتها، والملكية الفكرية، والشروط الجزائية، وطرق حل المنازعات، والمحاكمات والقوانين الضريبية، وقانون العمل، ومراعاة النظام العام والأنظمة ذات الصلة، والعلامات التجارية وحقوق الدعاية والإعلان، والاختصاص القضائي والمفاوضات، والمسؤولية التقصيرية أو الضمان.
ودور محامي الترفيه أن يحمي حقوق الشخص الذي طلب الاستشارة أو الخدمة القانونية، أو طلب من المحامي الترافع عنه أمام المحاكم. وقد يكون المدعي أو طالب الاستشارة القانونية شخصًا طبيعيًّا كالفنان والممثل والعازف، وهو من يقوم بنفسه بالفعالية، وقد يكون شركة منفذة متعاقدة مع هيئة الترفيه لتنفيذ الفعالية، وقد تكون هيئة الترفيه نفسها هي الشخص الذي طلب الخدمات القانونية خلال مرحلة التفاوض والتعاقد مع مقدمي خدمات الترفيه. وعودًا على بدء، فدور محامي الترفيه أن يحمي حقوق عملائه من خلال مراجعة مسودة العقود، وشرح بنودها، واكتشاف الثغرات إن وُجدت، والتفاوض عن عملائه مع الأطراف الأخرى، والمشاركة في إعداد نسخ العقود أو الاتفاقيات النهائية، وكذلك متابعة تنفيذ العقود أو المطالبة بحقوق العميل عند إخلال الأطراف الأخرى بالالتزامات، وتقديم الاستشارات القانونية.
ويظهر مما تقدم أهمية الدور الذي يؤديه محامي الترفيه، وتعدد وتنوع الفرص والنطاقات التي من خلالها يستطيع المحامي تقديم خدماته وأعماله القانونية.
ومما يحسن الإشارة إليه أن وظيفة محامي الترفيه في الولايات المتحدة تُعد من الوظائف ذات المردود المالي المرتفع؛ ففي مدينة نيويورك يحصل محامي الترفيه على أجر سنوي قدره 106,000 دولار، وفي غيرها ما بين 89,000 دولار و96,000 دولار عن سنة 2013 وفقًا للموقع الإلكتروني انديد (موقع للتوظيف).
ومن المناسب لمن يرغب في دخول هذا الحقل القانوني والتخصص فيه - بعد أن يمارس القانون في الحقول الأساسية والمعتادة - أن يلم بالقوانين ذات الصلة بالترفيه، ويواصل الاطلاع عليها وعلى المستجدات في نطاق الترفيه وأعرافه والتزاماته.. ومن المناسب أيضًا في بداية الطريق الالتحاق بإحدى الشركات المتخصصة في صناعة الترفيه لكسب الخبرة، ومعرفة أسرار العمل عن قرب، والتعلم ممن سبقوه في هذا المجال، وبناء العلاقات حتى يكون في يوم ما محامي ترفيه.
** **
- سامي الزهراني
@SamiSAlzahrani1